للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ

١٢٣٧ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ) دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى تَحْرِيمِ مَا لَهُ نَابٌ مِنْ سِبَاعِ الْحَيَوَانَاتِ، وَالنَّابُ السِّنُّ خَلْفَ الرُّبَاعِيَّةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالسَّبُعُ هُوَ الْمُفْتَرِسُ مِنْ الْحَيَوَانِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَيْضًا وَفِيهِ الِافْتِرَاسُ الِاصْطِيَادُ، وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ هُوَ مَا يَفْتَرِسُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَيَأْكُلُهُ قَهْرًا وَقَسْرًا كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَنَحْوِهَا. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا فَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد إلَى مَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ وَلَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جِنْسِ السِّبَاعِ الْمُحَرَّمَةِ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ مَا أَكَلَ اللَّحْمَ فَهُوَ سَبُعٌ حَتَّى الْفِيلُ وَالضَّبُعُ وَالْيَرْبُوعُ وَالسِّنَّوْرُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَحْرُمُ مِنْ السِّبَاعِ مَا يَعْدُو عَلَى النَّاسِ كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ دُونَ الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْدُوَانِ عَلَى النَّاسِ. وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَعَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْهُ فِيهَا ضَعْفٌ وَالشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إلَى حِلِّ لُحُومِ السِّبَاعِ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الْآيَةَ فَالْمُحَرَّمُ هُوَ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَمَا عَدَاهُ حَلَالٌ (وَأُجِيبُ) بِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَهُوَ نَاسِخٌ لِلْآيَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَى نَسْخَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ، وَبِأَنَّ الْآيَةَ خَاصَّةٌ بِالثَّمَانِيَةِ الْأَزْوَاجِ مِنْ الْأَنْعَامِ رَدًّا عَلَى مَنْ حَرَّمَ بَعْضَهَا كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِهِ: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ} إلَى آخِرِ الْآيَاتِ. فَقِيلَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الْآيَةَ أَيْ أَنَّ الَّذِي أَحْلَلْتُمُوهُ هُوَ الْمُحَرَّمُ وَاَلَّذِي حَرَّمْتُمُوهُ هُوَ الْحَلَالُ وَأَنَّ ذَلِكَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَقَرَنَ بِهَا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ لِكَوْنِهِ مُشَارِكًا لَهَا فِي عِلَّةِ التَّحْرِيمِ وَهُوَ كَوْنُهُ رِجْسًا. فَالْآيَةُ وَرَدَتْ فِي الْكُفَّارِ الَّذِينَ يُحِلُّونَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَيُحَرِّمُونَ كَثِيرًا مِمَّا أَبَاحَهُ الشَّرْعُ، وَكَانَ الْغَرَضُ مِنْ الْآيَةِ بَيَانَ حَالِهِمْ وَأَنَّهُمْ يُضَادُّونَ الْحَقَّ فَكَأَنَّهُ قِيلَ مَا حَرَامٌ إلَّا مَا أَحْلَلْتُمُوهُ مُبَالَغَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ (قُلْت) وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ قُلْ لَا أَجِدُ الْآيَةَ مُحَرَّمًا إلَّا مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ ثُمَّ حَرَّمَ اللَّهُ مِنْ بَعْدُ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>