٦٠٦ - وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَةِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي، فَإِنَّك تُصِيبُ مِنْهَا، فَقَالَ: لَا، حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَسْأَلَهُ. فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلَاثَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ
يُدْخِلْ آلَ أَبِي لَهَبٍ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهَا فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ وَقِيلَ: بَلْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ عُتْبَةُ وَمُعْتَبٌ ابْنَا أَبِي لَهَبٍ وَثَبَتَا مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَيْبَرَ (شَيْءٌ وَاحِدٌ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ يُشَارِكُونَ بَنِي هَاشِمٍ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى وَتَحْرِيمِ الزَّكَاةِ أَيْضًا دُونَ مَنْ عَدَاهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِي النَّسَبِ سَوَاءً، وَعَلَّلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الْمُوَالَاةِ كَمَا فِي لَفْظٍ آخَرَ تَعْلِيلُهُ «بِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ» فَصَارُوا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِي الْأَحْكَامِ وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ وَذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالُوا: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُمْ عَلَى جِهَةِ التَّفَضُّلِ لَا الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، بَلْ قَوْلُهُ: " شَيْءٌ وَاحِدٌ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَهُمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْخُمُسِ وَتَحْرِيمِ الزَّكَاةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ هُمْ أَوْلَادُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مِنْ أَوْلَادِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَعُثْمَانَ مِنْ أَوْلَادِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنُو نَوْفَلٍ أَوْلَادُ عَمٍّ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِذَا قَالَ عُثْمَانُ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهُمْ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ أَبْنَاءُ عَمٍّ.
(وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ) هُوَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ: اسْمُهُ إبْرَاهِيمُ، وَقِيلَ: هُرْمُزُ، وَقِيلَ: كَانَ لِلْعَبَّاسِ فَوَهَبَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَسْلَمَ الْعَبَّاسُ بَشَّرَ أَبُو رَافِعٍ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْلَامِهِ فَأَعْتَقَهُ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَةِ) أَيْ عَلَى قَبْضِهَا (مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ) اسْمُهُ الْأَرْقَمُ (فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي فَإِنَّك تُصِيبُ مِنْهَا فَقَالَ: حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْأَلَهُ فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلَاثَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ مَوْلَى آلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمُهُمْ فِي تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: إنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي عَدَمِ حِلِّ الصَّدَقَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِبَنِي هَاشِمٍ وَلِمَوَالِيهِمْ انْتَهَى. وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ إلَى عَدَمِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي النَّسَبِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute