للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٩٥ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُزَابَنَةِ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إنْ كَانَ نَخْلًا بِتَمْرٍ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ، نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَعَنْهُ) أَيْ ابْنِ عَمْرٍو «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا فَنَفَذَتْ الْإِبِلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قَلَائِصِ الصَّدَقَةِ قَالَ فَكُنْت آخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لَهُ هُنَا لِأَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ أَنْ لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانَاتِ وَإِلَّا فَبَابُهُ الْقَرْضُ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اقْتِرَاضِ الْحَيَوَانِ وَفِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: (الْأَوَّلُ) جَوَازُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ ذَلِكَ إلَّا جَارِيَةً لِمَنْ يَمْلِكُ وَطْأَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيَجُوزُ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ وَطْأَهَا كَمَحَارِمِهَا وَالْمَرْأَةِ.

(الثَّانِي) يَجُوزُ مُطْلَقًا لِلْجَارِيَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ لِابْنِ جَرِيرٍ وَدَاوُد.

(الثَّالِثُ) لِلْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَرْضُ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ قَوْلَهُمْ وَتَقَدَّمَ دَعْوَاهُمْ النَّسْخَ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي الشَّرْحِ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَمْرٍو فِي قَرْضِ الْحَيَوَانِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَرَاجَعْنَا كُتُبَ الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ مَا لَفْظُهُ بَعُدَ سِيَاقِهِ بِإِسْنَادِهِ «قَالَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْشٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إنَّا بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ أَفَأَبِيعُ الْبَقَرَةَ بِالْبَقَرَتَيْنِ وَالْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ وَالشَّاةَ بِالشَّاتَيْنِ فَقَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُجَهِّزَ جَيْشًا» - الْحَدِيثَ الْمَصْدَرُ فِي الْكِتَابِ، وَفِي لَفْظٍ «فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبْتَاعَ ظَهْرًا إلَى خُرُوجِ الْمُصَدِّقِ» فَسِيَاقُ الْأَوَّلِ وَاضِحٌ أَنَّهُ فِي بَيْعٍ، وَلَفْظُ الثَّانِي صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، إذَا عَرَفْتَ هَذَا فَحَمْلُهُ عَلَى الْقَرْضِ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ السَّبْعِمِائَةِ وَالتِّسْعِينَ، وَقَدْ عَلِمْت مَا قِيلَ فِيهِ، وَالْأَقْرَبُ مِنْ بَابِ التَّرْجِيحِ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَمْرٍو أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ: إنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَرْضُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ قَدْ صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَازُهُ أَيْضًا.

(وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) وَكَانَ قِيَاسُ قَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ وَعَنْهُ (قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُزَابَنَةِ» وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ «أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إنْ كَانَ نَخْلًا بِتَمْرٍ كَيْلًا وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ. نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>