٩١ - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْت حَجَرَيْنِ، وَلَمْ أَجِدْ ثَالِثًا، فَأَتَيْته بِرَوْثَةٍ. فَأَخَذَهُمَا وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذَا رِجْسٌ - أَوْ رِكْسٌ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَزَادَ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ " ائْتِنِي بِغَيْرِهَا ".
وَأَذْهَبَ عَنِّي أَذَاهُ» وَكُلُّ أَسَانِيدِهَا ضَعِيفَةٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَصَحُّ مَا فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ ".
قُلْت: لَكِنَّهُ لَا بَأْسَ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا جَمِيعًا شُكْرًا عَلَى النِّعْمَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الصِّحَّةُ لِلْحَدِيثِ فِي مِثْلِ هَذَا.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ "؛ قَالَ الذَّهَبِيُّ: هُوَ الْإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ عَبْدٍ الْهُذَلِيُّ " صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَخَادِمُهُ، وَأَحَدُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، مِنْ كِبَارِ الْبَدْرِيِّينَ، وَمِنْ نُبَلَاءِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُقَرَّبِينَ، أَسْلَمَ قَدِيمًا، وَحَفِظَ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعِينَ سُورَةً، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ». وَفَضَائِلُهُ جَمَّةٌ عَدِيدَةٌ، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: «أَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْت حَجَرَيْنِ وَلَمْ أَجِدْ ثَالِثًا فَأَتَيْته بِرَوْثَةٍ فَأَخَذَهُمَا وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ» زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ أَنَّهَا [كَانَتْ رَوْثَةُ حِمَارٍ] [وَقَالَ: إنَّهَا رِكْسٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ فِي الْقَامُوسِ: إنَّهُ الرِّجْسُ؛ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَزَادَ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ: [ائْتِنِي بِغَيْرِهَا].
أَخَذَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَاشْتَرَطُوا أَنْ لَا تَنْقُصَ الْأَحْجَارُ عَنْ الثَّلَاثَةِ، مَعَ مُرَاعَاةِ الْإِنْقَاءِ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهَا زَادَ حَتَّى يُنَقِّيَ، وَيُسْتَحَبُّ الْإِيتَارُ، وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ الْإِيتَارُ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد " [وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ] تَقَدَّمَ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَوْ كَانَ الْقَصْدُ الْإِنْقَاءَ فَقَطْ لَخَلَا ذِكْرُ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ عَنْ الْفَائِدَةِ، فَلَمَّا اشْتَرَطَ الْعَدَدَ لَفْظًا وَعَلِمَ الْإِنْقَاءَ مَعْنًى دَلَّ عَلَى إيجَابِ الْأَمْرَيْنِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ كَانَ الثَّلَاثُ شَرْطًا لَطَلَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَالِثًا؛ فَجَوَابُهُ: أَنَّهُ قَدْ طَلَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّالِثَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيّ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَقَدْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ هَذِهِ فَالْجَوَابُ عَلَى الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اكْتَفَى بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ فِي طَلَبِ الثَّلَاثِ، وَحِينَ أَلْقَى الرَّوْثَةَ عَلِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ " أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ امْتِثَالَهُ الْأَمْرَ، حَتَّى يَأْتِيَ بِثَالِثَةٍ.
ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اكْتَفَى بِأَحَدِ أَطْرَافِ الْحَجَرَيْنِ، فَمَسَحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute