١٠٠ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ - قَالَ: تَغْتَسِلُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ - زَادَ مُسْلِمٌ: «فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشِّبْهُ».
قِيلَ: يَدَاهَا وَرِجْلَاهَا، وَقِيلَ: رِجْلَاهَا وَفَخِذَاهَا، وَقِيلَ: سَاقَاهَا وَفَخِذَاهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَالْكُلُّ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ.
فَهَذَا الْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى نَسْخِ مَفْهُومِ حَدِيثِ «الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ هَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَقُولُونَ إنَّ الْمَاءَ مِنْ الْمَاءِ رُخْصَةٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ بِهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ» صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي النَّسْخِ. عَلَى أَنَّ حَدِيثَ الْغُسْلِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ أَرْجَحُ، لَوْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسْخُ مَنْطُوقٌ فِي إيجَابِ الْغُسْلِ، وَذَلِكَ مَفْهُومٌ، وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ، وَإِنْ كَانَ الْمَفْهُومُ مُوَافِقًا لِلْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْآيَةُ تُعَضِّدُ الْمَنْطُوقَ فِي إيجَابِ الْغُسْلِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ كَلَامَ الْعَرَبِ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَنَابَةَ تُطْلَقُ بِالْحَقِيقَةِ عَلَى الْجِمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إنْزَالٌ، قَالَ: فَإِنَّ كُلَّ مَنْ خُوطِبَ بِأَنَّ فُلَانًا أَجْنَبَ عَنْ فُلَانَةَ عُقِلَ أَنَّهُ أَصَابَهَا وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ، قَالَ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّ الزِّنَا الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْجَلْدُ هُوَ الْجِمَاعُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ إنْزَالٌ (اهـ) فَتَعَاضَدَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ الْإِيلَاجِ.
وَعَنْ " أَنَسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ قَالَ: تَغْتَسِلُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ مُسْلِمٌ «فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشِّبْهُ؟» بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِفَتْحِهِمَا لُغَتَانِ، اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ وَأَنَسٍ، وَوَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِنِسَاءٍ مِنْ الصَّحَابِيَّاتِ؛ لِخَوْلَةِ بِنْتِ حَكِيمٍ، عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَلِسَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ، عِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ، وَلِبُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ، عِنْدَ أَبِي شَيْبَةَ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَرَى مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ فِي مَنَامِهِ، وَالْمُرَادُ إذَا أَنْزَلَتْ الْمَاءَ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ: «قَالَ: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» أَيْ الْمَنِيَّ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ، وَفِي رِوَايَةٍ «هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَالِبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute