٣٢٨ - وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ إذَا جَاءَهُ خَبَرٌ يَسُرُّهُ خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ
٣٢٩ - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَجَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَطَالَ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ»، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد.
قَالُوا: وَيُشْرَعُ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ نَافِلَةً، لِأَنَّ النَّافِلَةَ مُخَفَّفٌ فِيهَا.
وَأُجِيبَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِالْمَفْهُومِ، وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ " الِانْشِقَاقِ " فِي الصَّلَاةِ، وَسَجَدَ وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، وَكَذَلِكَ سُورَةُ " تَنْزِيلِ " السَّجْدَةِ، قَرَأَ بِهَا وَسَجَدَ فِيهَا؛ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد؛ وَالْحَاكِمُ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ فِي الظُّهْرِ فَرَأَى أَصْحَابَهُ أَنَّهُ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فَسَجَدُوهَا».
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ الذِّكْرُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ بِأَنْ يَقُولَ: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: " ثَلَاثًا "، وَزَادَ الْحَاكِمُ فِي آخِرِهِ " فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ " وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ: اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد».
[وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا جَاءَهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ].
هَذَا مَا شَمَلَتْهُ التَّرْجَمَةُ بِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ، وَذَهَبَ إلَى شَرْعِيَّتِهِ الْهَادَوِيَّةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، خِلَافًا لِمَالِكٍ، وَرِوَايَةٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا نَدْبَ، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِلْأَوَّلِينَ، «وَقَدْ سَجَدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آيَةِ ص وَقَالَ: هِيَ لَنَا شُكْرٌ».
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ يُشْتَرَطُ لَهَا الطَّهَارَةُ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ: يُشْتَرَطُ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ كَمَا قَدَّمْنَا: وَقَالَ الْمَهْدِيُّ: إنَّهُ يُكَبِّرُ لِسُجُودِ الشُّكْرِ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ. وَقَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: وَلَا يَسْجُدُ لِلشُّكْرِ فِي الصَّلَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا إذْ لَيْسَ مِنْ تَوَابِعِهَا.
قِيلَ: وَمُقْتَضَى شَرْعِيَّتِهِ حُدُوثُ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعُ مَكْرُوهٍ؛ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَيَكُونُ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ.
٣٢٩ - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَجَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَبَشَّرَنِي، فَسَجَدْت لِلَّهِ شُكْرًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.