٧٨ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ». أَخْرَجَهُ السَّبْعَةُ.
الْخَلَاءُ] بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودٌ: الْمَكَانُ الْخَالِي، كَانُوا يَقْصِدُونَهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ [وَضَعَ خَاتَمَهُ]. أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَهُوَ مَعْلُولٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ " عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ؛ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ " لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ، بَلْ سَمِعَهُ مِنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ؛ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَلَكِنْ بِلَفْظٍ آخَرَ. وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ ثُمَّ أَلْقَاهُ» وَالْوَهْمُ مِنْ هَمَّامٍ " كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ أَحْمَدُ: ثَبَتَ فِي كُلِّ الْمَشَايِخِ وَقَدْ رُوِيَ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا عَنْ أَنَسٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ هَمَّامٍ، وَأَوْرَدَ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ شَاهِدًا وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا بِلَفْظِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَ خَاتَمًا نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ؛ وَكَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَهُ».
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْإِبْعَادِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ؛ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ لَفْظُ الْخَلَاءِ؛ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَكَانِ الْخَالِي، وَعَلَى الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَيَأْتِي فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ " مَا هُوَ أَصْرَحُ مِنْ هَذَا بِلَفْظِ: [فَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى] وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد «كَانَ إذَا أَرَادَ الْبَرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ» وَدَلِيلٌ عَلَى تَبْعِيدِ مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْرُمُ إدْخَالُ الْمُصْحَفِ الْخَلَاءَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، قِيلَ: فَلَوْ غَفَلَ عَنْ تَنْحِيَةِ مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ حَتَّى اشْتَغَلَ بِقَضَاءِ حَاجَتِهِ غَيَّبَهُ فِي فِيهِ؛ أَوْ فِي عِمَامَتِهِ، أَوْ نَحْوَهُ، وَهَذَا فِعْلٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ عُرِفَ وَجْهُهُ، وَهُوَ صِيَانَةُ مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ الْمَحَلَّاتِ الْمُسْتَخْبَثَةِ؛ فَدَلَّ عَلَى نَدْبِهِ؛ وَلَيْسَ خَاصًّا بِالْخَاتَمِ؛ بَلْ فِي كُلِّ مَلْبُوسٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ.
وَعَنْهُ: أَيْ عَنْ أَنَسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ أَيْ أَرَادَ دُخُولَهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ» بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا، جَمْعُ: خَبِيثٍ [وَالْخَبَائِثُ] جَمْعُ: خَبِيثَةٍ، يُرِيدُ بِالْأَوَّلِ ذُكُورَ الشَّيَاطِينِ، وَبِالثَّانِي إنَاثَهُمْ، أَخْرَجَهُ السَّبْعَةُ وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، كَانَ يَقُولُ: [بِاسْمِك اللَّهُمَّ] الْحَدِيثَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ: وَرَوَاهُ الْمَعْمَرِيُّ وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَفِيهِ زِيَادَةُ التَّسْمِيَةِ، وَلَمْ أَرَهَا فِي غَيْرِهِ
، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إذَا أَرَادَ دُخُولَهُ لِقَوْلِهِ: دَخَلَ، بَعْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ لَا يَقُولُ ذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِمَا قَرَّرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ " قَالَ: [كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute