١١٩٩ - «وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ فِي - قِصَّةِ أَبِي جَهْلٍ - قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ قَالَا: لَا. قَالَ فَنَظَرَ فِيهِمَا، فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ فَقَضَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
١٢٠٠ - وَعَنْ مَكْحُولٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِف». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَوَصَلَهُ الْعُقَيْلِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
الْأَحَادِيثِ قَاضِيَةٌ بِعَدَمِ تَخْمِيسِهِ.
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَآخَرُونَ كَأَنَّهُمْ يُخَصِّصُونَ عُمُومَ الْآيَةِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ حَدِيثَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ بِزِيَادَةٍ «وَلَمْ يُخَمِّسْ السَّلَبَ» وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَلْزَمُ الْقَاتِلَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَ مَنْ يُرِيدُ أَخْذَ سَلَبِهِ فَقَالَ اللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ إنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، قَالُوا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَبِلَ قَوْلَ وَاحِدٍ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ بَلْ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ؛ وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ مُعَاذِ بْنِ الْجَمُوحِ وَغَيْرِهَا فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِحَدِيثِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ.
(وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قِصَّةِ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ) يَوْمَ بَدْرٍ (قَالَ فَابْتَدَرَاهُ) تَسَابَقَا إلَيْهِ (بِسَيْفَيْهِمَا) أَيْ ابْنَيْ عَفْرَاءَ (حَتَّى قَتَلَاهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَاهُ. فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ قَالَا: لَا. قَالَ فَنَظَرَ فِيهِمَا) أَيْ فِي سَيْفَيْهِمَا (فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ فَقَضَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَلْبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ آخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ بِزِنَةِ فَعُولٍ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ السَّلَبَ لِمَنْ شَاءَ وَأَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ ابْنَيْ عَفْرَاءَ قَتَلَا أَبَا جَهْلٍ، ثُمَّ جَعَلَ سَلَبَهُ لِغَيْرِهِمَا وَأُجِيبَ عَنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ لِأَنَّهُ رَأَى أَثَرَ ضَرْبَتِهِ بِسَيْفِهِ هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ فِي قَتْلِهِ لِعُمْقِهَا فَأَعْطَاهُ السَّلَبَ وَطَيَّبَ قَلْبَ ابْنَيْ عَفْرَاءَ بِقَوْلِهِ كِلَاكُمَا قَتَلَهُ وَإِلَّا فَالْجِنَايَةُ الْقَاتِلَةُ لَهُ ضَرْبَةُ مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو وَنِسْبَةُ الْقَتْلِ إلَيْهِمَا مَجَازٌ أَيْ كِلَاكُمَا قَتَلَهُ، وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ إعْطَاءُ سَلَبِ الْمَقْتُولِ لِغَيْرِهِمَا، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ.
(وَعَنْ مَكْحُولٍ) هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَكْحُولُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ كَانَ مِنْ سَبْيِ كَابِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute