١٢٤٨ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «أُكِلَ الضَّبُّ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
نَحْنُ وَأَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْخَيْلِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ ذَلِكَ وَقَرَّرَهُ كَيْفَ وَقَدْ قَالَتْ: إنَّهُ أَكَلَ مِنْهُ أَهْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَتْ هُنَا: نَحَرْنَا وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ ذَبَحْنَا. فَقِيلَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّحْرَ وَالذَّبْحَ وَاحِدٌ قِيلَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ مَجَازًا إذَا النَّحْرُ لِلْإِبِلِ خَاصَّةً وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْحَدِيدِ فِي لَبَّةِ الْبَدَنَةِ حَتَّى تُفْرَى أَوْدَاجُهَا وَالذَّبْحُ هُوَ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ. قَالَ ابْنُ التِّينِ الْأَصْلُ فِي الْإِبِلِ النَّحْرُ وَفِي غَيْرِهَا الذَّبْحُ وَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِي الْبَقَرَةِ {فَذَبَحُوهَا} وَفِي السُّنَّةِ نَحْرُهَا. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَحْرِ مَا يُذْبَحُ وَذَبْحِ مَا يُنْحَرُ. فَأَجَازَهُ الْجُمْهُورُ وَالْخِلَافُ فِيهِ لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ (وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ) يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ حِلَّهَا قَبْلَ فَرْضِ الْجِهَادِ فَإِنَّهُ فُرِضَ أَوَّلَ دُخُولِهِمْ بِالْمَدِينَةِ.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أُكِلَ الضَّبُّ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ أَكْلِ الضَّبِّ وَعَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ قَوْمٍ تَحْرِيمَهُ وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَرَاهَتَهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَظُنُّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالنَّصِّ وَبِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ. وَقَدْ احْتَجَّ لِلْقَائِلِينَ بِالتَّحْرِيمِ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الضَّبِّ» وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَرِجَالُهُ شَامِيُّونَ وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الشَّامِيِّينَ فَلَا يَتِمُّ قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَلِكَ وَلَا قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ: فِيهِ ضَعِيفٌ وَمَجْهُولُونَ، فَإِنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا قَوْلُ الْبَيْهَقِيّ: فِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ الشَّامِيِّينَ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُمْ. وَبِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ حَسَنَةَ «أَنَّهُمْ طَبَخُوا ضِبَابًا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ فَأَخْشَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ. فَأَلْقَوْهَا» وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالطَّحَاوِيُّ وَسَنَدُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ النَّهْيَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ التَّحْرِيمَ صَرَفَهُ هُنَا إلَى الْكَرَاهَةِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «كُلُوهُ فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي» وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَرُدُّ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الضَّبِّ لَا آكُلُهُ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» وَلِهَذَا أَعَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فَقَالَ «بِئْسَمَا مَا قُلْتُمْ مَا بُعِثَ نَبِيُّ اللَّهِ إلَّا مُحَرِّمًا أَوْ مُحَلِّلًا» كَذَا فِي مُسْلِمٍ. وَأُجِيبَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ أَعْنِي خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ أُمَّةً مَمْسُوخَةً قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَنْسُلُ. وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute