للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٣ - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ قَالَ: وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ - إلَى قَوْلِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك - إلَى آخِرِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: إنَّ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

وَعَنْ " عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ قَالَ: وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ» أَيْ قَصَدْت بِعِبَادَتِي [إلَى قَوْلِهِ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ] وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، أَنْ يَقُولَ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ بِلَفْظِ الْآيَةِ؛ وَرِوَايَةُ: وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ وَإِلَيْهَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ [اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك] إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

تَمَامُهُ: «ظَلَمْت نَفْسِي؛ وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك، وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك، أَنَا بِك وَإِلَيْك، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْت، أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك».

وَقَوْلُهُ: فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ ابْتِدَاءُ خَلْقِهِمَا مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، وَقَوْلُهُ - حَنِيفًا - أَيْ مَائِلًا إلَى الدَّيْنِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَزِيَادَةُ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَيَانٌ لِلْحَنِيفِ، وَأَيْضًا لِمَعْنَاهُ، وَالنُّسُكُ: الْعِبَادَةُ، وَكُلُّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ، وَعَطْفُهُ عَلَى الصَّلَاةِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَقَوْلُهُ: وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي: أَيْ حَيَاتِي وَمَوْتِي لِلَّهِ، أَيْ هُوَ الْمَالِكُ لَهُمَا وَالْمُخْتَصُّ بِهِمَا، وَقَوْلُهُ: رَبُّ الْعَالَمِينَ: الرَّبُّ الْمَلِكُ، وَالْعَالَمِينَ جَمْعُ عَالَمٍ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعِلْمِ، وَهُوَ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ كَذَا قِيلَ، وَفِي الْقَامُوسِ الْعَالَمُ: الْخَلْقُ كُلُّهُ أَوْ مَا حَوَاهُ بَطْنُ الْفَلَكِ، وَلَا يُجْمَعُ فَاعِلٌ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ غَيْرُهُ وَغَيْرُ يَاسَمٍ، وَقَوْلُهُ لَا شَرِيكَ لَهُ: تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْمَفْهُومُ مِنْهُ الِاخْتِصَاصُ.

وَقَوْلُهُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ، أَيْ الْمَالِكُ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ؛ وَقَوْلُهُ: ظَلَمْت نَفْسِي، اعْتِرَافٌ بِظُلْمِ نَفْسِهِ، قَدَّمَهُ عَلَى سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ، وَمَعْنَى: لَبَّيْكَ: أُقِيمُ عَلَى طَاعَتِك وَأَمْتَثِلُ أَمْرَك، إقَامَةً مُتَكَرِّرَةً، وَسَعْدَيْكَ أَيْ أَسْعَدُ أَمْرَك وَأَتَّبِعْهُ إسْعَادًا مُتَكَرِّرًا، وَمَعْنَى: " الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك " الْإِقْرَارُ بِأَنَّ كُلَّ خَيْرٍ وَاصِلٌ إلَى الْعِبَادِ، وَمَرْجُوٌّ وُصُولُهُ فَهُوَ فِي يَدَيْهِ تَعَالَى.

وَمَعْنَى: " وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك " أَيْ لَيْسَ مِمَّا يُتَقَرَّبُ إلَيْك بِهِ: أَيْ يُضَافُ إلَيْك، فَلَا يُقَالُ يَا رَبِّ الشَّرُّ، أَوْ لَا يَصْعَدُ إلَيْك،

<<  <  ج: ص:  >  >>