للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٣٧ - وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَيَّ: أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

مِنْ حُصُولِ ضَرَرٍ أَوْ فَوَاتِ نَفْعٍ عَنْ أَنْ يَقُولَ (لَوْ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا إنَّمَا هُوَ لِمَنْ قَالَ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ حَتْمًا، وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُصِبْهُ قَطْعًا فَأَمَّا مَنْ رَدَّ ذَلِكَ إلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا. وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْغَارِ " وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ رَأْسَهُ لَرَآنَا وَسُكُوتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَلَيْسَ فِيهِ دَعْوَى لِرَدِّ قَدْرِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ. قَالَ وَكَذَا جَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ اللَّوْ كَحَدِيثِ لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِك بِالْكُفْرِ " الْحَدِيثَ " وَلَوْ كُنْت رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ " " وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي " وَشَبِيهُ ذَلِكَ، فَكُلُّهُ مُسْتَقْبَلٌ وَلَا اعْتِرَاضَ فِيهِ عَلَى قَدَرٍ فَلَا كَرَاهِيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ اعْتِقَادِهِ فِيمَا كَانَ يَفْعَلُ لَوْلَا الْمَانِعُ، وَعَمَّا هُوَ فِي قُدْرَتِهِ فَأَمَّا مَا ذَهَبَ فَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ؛ قَالَ الْقَاضِي: فَاَلَّذِي عِنْدِي فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ النَّهْيَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ لَكِنْ نَهْيُ تَنْزِيهٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ جَاءَ مِنْ اسْتِعْمَالِ لَوْ فِي الْمَاضِي قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا سُقْت الْهَدْيَ» وَغَيْرُ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ إطْلَاقِ ذَلِكَ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَيَكُونُ نَهْيَ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ وَأَمَّا مَنْ قَالَهُ تَأَسُّفًا عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَمَا هُوَ مُتَعَذِّرٌ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَنَحْوِ هَذَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ أَكْثَرُ الِاسْتِعْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي الْأَحَادِيثِ.

(وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ) التَّوَاضُعُ عَدَمُ الْكِبْرِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْكِبْرِ. وَعَدَمُ التَّوَاضُعِ يُؤَدِّي إلَى الْبَغْيِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى لِنَفْسِهِ مَزِيَّةً عَلَى الْغَيْرِ فَيَبْغِي عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ وَيَفْخَرُ عَلَيْهِ وَيَزْدَرِيهِ، وَالْبَغْيُ وَالْفَخْرُ مَذْمُومَانِ، وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي سُرْعَةِ عُقُوبَةِ الْبَغْيِ مِنْهَا عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَوْ أَحَقُّ مِنْ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَأَخْرُجُهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ «لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا عُصِيَ اللَّهُ بِهِ هُوَ أَسْرَعُ عُقُوبَةً مِنْ الْبَغْيِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>