٥٥٧ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالْأَثَرِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ.
{وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَقِيلَ: الْمَشِيئَةُ عَائِدَةٌ إلَى تِلْكَ التُّرْبَةِ بِعَيْنِهَا.
وَسُؤَالُهُ الْعَافِيَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا مِنْ أَهَمِّ مَا يُطْلَبُ وَأَشْرَفِ مَا يُسْأَلُ وَالْعَافِيَةُ لِلْمَيِّتِ بِسَلَامَتِهِ مِنْ الْعَذَابِ وَمُنَاقَشَةِ الْحِسَابِ.
وَمَقْصُودُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ الدُّعَاءُ لَهُمْ وَالْإِحْسَانُ إلَيْهِمْ وَتَذَكُّرُ الْآخِرَةِ وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا وَأَمَّا مَا أَحْدَثَهُ الْعَامَّةُ مِنْ خِلَافِ هَذَا كَدُعَائِهِمْ الْمَيِّتَ وَالِاسْتِصْرَاخِ بِهِ وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِ وَسُؤَالِ اللَّهِ بِحَقِّهِ وَطَلَبِ الْحَاجَاتِ إلَيْهِ تَعَالَى بِهِ فَهَذَا مِنْ الْبِدَعِ وَالْجَهَالَاتِ وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالْأَثَرِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ) فِيهِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ إذَا مَرَّ بِالْمَقْبَرَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الزِّيَارَةَ لَهُمْ.
وَفِيهِ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ بِالْمَارِّ بِهِمْ وَسَلَامِهِ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا كَانَ إضَاعَةً وَظَاهِرُهُ فِي جُمُعَةٍ وَغَيْرِهَا وَفِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلُ وَهَذَا دَلِيلٌ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا دَعَا لِأَحَدٍ أَوْ اسْتَغْفَرَ لَهُ يَبْدَأُ بِالدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ وَالِاسْتِغْفَارِ لَهَا وَعَلَيْهِ وَرَدَتْ الْأَدْعِيَةُ الْقُرْآنِيَّةُ {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا} {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَدْعِيَةَ وَنَحْوَهَا نَافِعَةٌ لِلْمَيِّتِ بِلَا خِلَافٍ. وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَهُ
فَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ لَا يَصِلُ ذَلِكَ إلَيْهِ.
وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى وُصُولِ ذَلِكَ إلَيْهِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ صَلَاةً كَانَ أَوْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا أَوْ صَدَقَةً أَوْ قِرَاءَةَ قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرًا أَوْ أَيَّ أَنْوَاعِ الْقُرَبِ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَرْجَحُ دَلِيلًا وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَيْفَ يَبَرُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute