وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «أَمْكَنَّاكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» -، وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «مَا تَحْفَظُ؟ قَالَ: سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَاَلَّتِي تَلِيهَا. قَالَ: قُمْ فَعَلِّمْهَا عِشْرِينَ آيَةً»
(وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا «إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْت أَهَبُ لَك نَفْسِي» أَيْ أَمْرَ نَفْسِي لِأَنَّ الْحُرَّ لَا تُمْلَكُ رَقَبَتُهُ «فَنَظَرَ إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ» فِي النِّهَايَةِ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فَصَعَّدَ فِي النَّظَرَ وَصَوَّبَهُ أَيْ نَظَرَ أَعْلَايَ وَأَسْفَلِي وَتَأَمَّلَنِي، وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ جَوَازِ النَّظَرِ إلَى مَنْ يُرِيدُ زَوَاجَهَا، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ تَحَرَّرَ عِنْدَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَى الْمُؤْمِنَاتِ الْأَجْنَبِيَّاتِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ «ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ» قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ «فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَك بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا فَقَالَ فَهَلْ عِنْدَك مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَا وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اذْهَبْ إلَى أَهْلِك فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاَللَّهِ مَا وَجَدْت شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُنْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا» أَيْ وَلَوْ نَظَرْت خَاتَمًا «مِنْ حَدِيدٍ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» أَيْ مَوْجُودٌ فَخَاتَمُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ «وَلَكِنْ هَذَا إزَارِي قَالَ» سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ الرَّاوِي «مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِك إنْ لَبِسَتْهُ» أَيْ كُلَّهُ «لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسْتَهُ» أَيْ كُلَّهُ «لَمْ يَكُنْ عَلَيْك مِنْهُ شَيْءٌ»، وَلَعَلَّهُ بِهَذَا الْجَوَابِ بَيَّنَ لَهُ أَنَّ قِسْمَةَ الرِّدَاءِ لَا تَنْفَعُهُ، وَلَا تَنْفَعُ الْمَرْأَةَ («فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُوَلِّيًا فَدَعَا بِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ مَاذَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا عَدَّدَهَا فَقَالَ تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِك قَالَ نَعَمْ قَالَ اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ «انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَعَلِّمْهَا مِنْ الْقُرْآنِ»، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «أَمْكَنَّاكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ»، وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا تَحْفَظُ قَالَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا قَالَ قُمْ فَعَلِّمْهَا عِشْرِينَ آيَةً» دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى مَسَائِلَ عَدِيدَةٍ، وَقَدْ تَتَبَّعَهَا ابْنُ التِّينِ، وَقَالَ هَذِهِ إحْدَى وَعِشْرُونَ فَائِدَةً بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ عَلَى أَكْثَرِهَا. قُلْت، وَلْنَأْتِ بِأَنْفَسِهَا وَأَوْضَحِهَا (الْأُولَى) جَوَازُ عَرْضِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ، وَجَوَازُ النَّظَرِ مِنْ الرَّجُلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَاطِبًا لِإِرَادَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute