١٩٢ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَالِدُ " طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ " الْحَنَفِيِّ؛ وَمَالَ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ إلَى أَنَّ " عَلِيَّ بْنَ طَلْقٍ " وَطَلْقَ بْنَ عَلِيٍّ " اسْمٌ لِذَاتٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ؛ كَأَنَّهُ عَبَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ اخْتِصَارًا، وَإِلَّا فَأَصْلُهَا: وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مِرَارًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ حِبَّانَ صَحَّحَ أَحَادِيثَ أَخْرَجَهَا غَيْرُهُ، وَلَمْ يُخَرِّجْهَا هُوَ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ وَقَدْ أَعَلَّ الْحَدِيثَ ابْنُ الْقَطَّانِ بِمُسْلِمِ بْنِ سَلَّامٍ الْحَنَفِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا أَعْلَمُ لِعَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفُسَاءَ نَاقِضُ الْوُضُوءِ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ النَّوَاقِضِ، وَأَنَّهُ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ " عَائِشَةَ " فِيمَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ، أَوْ رُعَافٌ؛ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِهَذَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ مَقَالٌ، وَالشَّارِحُ جَنَحَ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا؛ قَالَ: لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ لِاسْتِئْنَافِ الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ نَافٍ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا نَافٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ مُثْبِتٌ لَهَا، فَالْأَوْلَى التَّرْجِيحُ بِأَنَّ هَذَا قَالَ بِصِحَّتِهِ ابْنُ حِبَّانَ، وَذَلِكَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِصِحَّتِهِ، فَهَذَا أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةِ.
[وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ] الْمُرَادُ بِهَا الْمُكَلَّفَةُ، وَإِنْ تَكَلَّفَتْ بِالِاحْتِلَامِ مَثَلًا، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْحَيْضِ نَظَرًا إلَى الْأَغْلَبِ [إلَّا بِخِمَارٍ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ رَاءٌ؛ هُوَ هُنَا مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ وَالْعُنُقُ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: إنَّ وَقْفَهُ أَشْبَهُ، وَأَعَلَّهُ الْحَاكِمُ بِالْإِرْسَالِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ " أَبِي قَتَادَةَ " بِلَفْظِ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ امْرَأَةٍ صَلَاةً حَتَّى تُوَارِيَ زِينَتَهَا، وَلَا مِنْ جَارِيَةٍ بَلَغَتْ الْمَحِيضَ حَتَّى تَخْتَمِرَ» وَنَفْيُ الْقَبُولِ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا نَفْيُ الصِّحَّةِ وَالْإِجْزَاءِ؛ وَقَدْ يُطْلَقُ الْقَبُولُ وَيُرَادُ بِهِ كَوْنُ الْعِبَادَةِ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الثَّوَابُ، فَإِذَا نَفَى كَانَ نَفْيًا لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ الثَّوَابِ لَا نَفْيًا لِلصِّحَّةِ، كَمَا وَرَدَ: «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ الْآبِقِ؛ وَلَا مَنْ فِي جَوْفِهِ خَمْرٌ» كَذَا قِيلَ: وَقَدْ بَيَّنَّا فِي رِسَالَةِ الْإِسْبَالِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute