٣٠٠ - «وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي، قَالَ قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك وَارْحَمْنِي، إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
«وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي، قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا» يُرْوَى بِالْمُثَلَّثَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ، فَيُخَيَّرُ الدَّاعِي بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ إلَّا أَحَدُهُمَا [وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ] إقْرَارٌ بِالْوَحْدَانِيَّةِ [فَاغْفِرْ لِي] اسْتِجْلَابٌ لِلْمَغْفِرَةِ [مَغْفِرَةً] نَكَّرَهَا لِلتَّعْظِيمِ: أَيْ مَغْفِرَةً عَظِيمَةً، وَزَادَهَا تَعْظِيمًا بِوَصْفِهَا بِقَوْلِهِ: [مِنْ عِنْدِك] لِأَنَّ مَا يَكُونُ مِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى لَا تُحِيطُ بِوَصْفِهِ عِبَارَةٌ [وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ] تَوَسُّلٌ إلَى نَيْلِ مَغْفِرَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ بِصِفَتَيْ غُفْرَانِهِ وَرَحْمَتِهِ [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَحَلٍّ لَهُ، وَمِنْ مَحَلَّاتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالِاسْتِعَاذَةِ، لِقَوْلِهِ: " فَلْيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ ". وَالْإِقْرَارُ بِظُلْمِ نَفْسِهِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَحَدٌ مِنْ الْبَشَرِ عَنْ ظُلْمِ نَفْسِهِ بِارْتِكَابِهِ مَا نَهَى عَنْهُ، أَوْ تَقْصِيرِهِ عَنْ أَدَاءِ مَا أَمَرَ بِهِ.
وَفِيهِ التَّوَسُّلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ عِنْدَ طَلَبِ الْحَاجَاتِ، وَاسْتِدْفَاعُ الْمَكْرُوهَاتِ؛ وَأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ صِفَاتِهِ فِي كُلِّ مَقَامٍ مَا يُنَاسِبُهُ كَلَفْظِ: الْغَفُورِ الرَّحِيمِ، عِنْدَ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ، وَنَحْوِ: {وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} عِنْدَ طَلَبِ الرِّزْقِ؛ وَالْقُرْآنُ وَالْأَدْعِيَةُ النَّبَوِيَّةُ مَمْلُوءَةٌ بِذَلِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَلْفَاظٌ غَيْرُ مَا ذُكِرَ، أَخْرَجَ النَّسَائِيّ عَنْ " جَابِرٍ ": «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: أَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ» وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ " ابْنِ مَسْعُودٍ ": «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعَلِّمُهُمْ مِنْ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: اللَّهُمَّ أَلِّفْ عَلَى الْخَيْرِ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ بَيْنَنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ وَالْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إنَّك أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِك، مُثْنِينَ بِهَا، قَابِلِيهَا، وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد أَيْضًا عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ: كَيْفَ تَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute