٥٣٦ - وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: قُلْت لِابْنِ عُيَيْنَةَ: " يَا أَبَا مُحَمَّدٍ خَالَفَك النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: اسْتَيْقَنَ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِيهِ مِرَارًا لَسْت أُحْصِيهِ يُعِيدُهُ وَيُبْدِيهِ سَمِعْته مِنْ فِيهِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ " قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا لَا يَنْفِي الْوَهْمَ؛ لِأَنَّهُ ضَبَطَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِيهِ إدْرَاجًا وَصَحَّحَهُ الزُّهْرِيُّ وَحَدَّثَ بِهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ.
وَلِلِاخْتِلَافِ فِي الْحَدِيثِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ: (الْأَوَّلُ): أَنَّ الْمَشْيَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ لِوُرُودِهِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلِ الْخُلَفَاءِ وَذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَالشَّافِعِيُّ.
(وَالثَّانِي): لِلْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا أَفْضَلُ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ «مَا مَشَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى مَاتَ إلَّا خَلْفَ الْجِنَازَةِ» وَلِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " قَالَ: الْمَشْيُ خَلْفَهَا أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ أَمَامَهَا كَفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ " إسْنَادُهُ حَسَنٌ وَهُوَ مَوْقُوفٌ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ، وَحَكَى الْأَثْرَمُ أَنَّ أَحْمَدَ تَكَلَّمَ فِي إسْنَادِهِ.
(الثَّالِثُ): أَنَّهُ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَوْصُولًا وَكَذَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَفِيهِ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْمُشَيَّعِينَ وَهُوَ يُوَافِقُ سُنَّةَ الْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ وَأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُونَ مَكَانًا وَاحِدًا يَمْشُونَ فِيهِ لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ (الْقَوْلُ الرَّابِعُ): لِلثَّوْرِيِّ أَنَّ الْمَاشِيَ يَمْشِي حَيْثُ شَاءَ وَالرَّاكِبُ خَلْفَهَا لِمَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ مَرْفُوعًا «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا».
(الْقَوْلُ الْخَامِسُ): لِلنَّخَعِيِّ إنْ كَانَ مَعَ الْجِنَازَةِ نِسَاءٌ مَشَى أَمَامَهَا وَإِلَّا فَخَلْفَهَا.
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «نُهِينَا مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ عَنْ اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» جُمْهُورُ أَهْلِ الْأُصُولِ وَالْمُحَدِّثِينَ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ نُهِينَا أَمْ أُمِرْنَا بِعَدَمِ ذِكْرِ الْفَاعِلِ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْآمِرَ وَالنَّاهِيَ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَقَدْ ثَبَتَ رَفْعُهُ وَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الْحَيْضِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِلَفْظِ " نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَدِيثَ " إلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ؛ لِأَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ لَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ لِمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهَا قَالَتْ: «لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ جَمَعَ النِّسَاءَ فِي بَيْتٍ ثُمَّ بَعَثَ إلَيْنَا عُمَرُ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَنِي إلَيْكُنَّ لِأُبَايِعَكُنَّ عَلَى أَنْ لَا تَسْرِقْنَ» الْحَدِيثَ وَفِيهِ «نَهَانَا أَنْ نَخْرُجَ فِي جِنَازَةٍ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute