٩٦٧ - وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «سَأَلْت عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا، قَالَتْ أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قَالَ: قُلْت: لَا. قَالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ، فَتِلْكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَزْوَاجِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
بِجَعْلِهِ صَدَاقًا وَكَانَ يُمْكِنُ جَعْلُ الْمَهْرِ غَيْرَهُ فَجَوَابُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ الْمَفْضُولَ لِبَيَانِ التَّشْرِيعِ وَيَكُونُ ثَوَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَوَابِ الْأَفْضَلِ فَهُوَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَأَمَّا جَعْلُ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ مُؤَيِّدًا لِحَدِيثِ صَفِيَّةَ وَلَفْظُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجُوَيْرِيَةَ لَمَّا جَاءَتْ تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا: هَلْ لَك أَنْ أَقْضِيَ عَنْك كِتَابَتَك وَأَتَزَوَّجَك قَالَتْ قَدْ فَعَلْت» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْمَهْرِ وَلَا غَيْرِهِ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.
(وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هُوَ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ الْقُرَشِيُّ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الْمَشْهُورِينَ بِالْفِقْهِ بِالْمَدِينَةِ فِي قَوْلٍ مِنْ مَشَاهِيرِ التَّابِعِينَ وَأَعْلَامِهِمْ يُقَالُ إنَّ اسْمَهُ كُنْيَتُهُ الْحَدِيثُ وَاسِعُ الرِّوَايَةِ سَمِعَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَخَذَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَقِيلَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ وَهُوَ فِي سَبْعِينَ سَنَةً (قَالَ «سَأَلْت عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً» بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ (وَنَشًّا) بِفَتْحِ النُّونِ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ مُشَدَّدَةٍ («وَقَالَتْ: أَتَدْرِي مَا النَّشُّ قُلْت: لَا قَالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ فَتِلْكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَزْوَاجِهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ) الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ أُوقِيَّةُ الْحِجَازِ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَكَانَ كَلَامُ عَائِشَةَ هَذَا بِنَاءً عَلَى الْأَغْلَبِ، وَإِلَّا فَإِنَّ صَدَاقَ صَفِيَّةَ عِتْقُهَا قِيلَ: وَمِثْلُهَا جُوَيْرِيَةُ.
وَخَدِيجَةُ لَمْ يَكُنْ صَدَاقُهَا هَذَا الْمِقْدَارَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ أَصْدَقَهَا النَّجَاشِيُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَةِ آلَافِ دِينَارٍ إلَّا أَنَّهُ كَانَ تَبَرُّعًا مِنْهُ إكْرَامًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيَّةُ جَعْلَ الْمَهْرِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ تَأَسِّيًا، وَأَمَّا أَقَلُّ الْمَهْرِ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ الْعَقْدُ فَقَدْ قَدَّمْنَاهُ أَمَّا أَكْثَرُهُ فَلَا حَدَّ لَهُ إجْمَاعًا قَالَ تَعَالَى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} وَالْقِنْطَارُ قِيلَ إنَّهُ أَلْفٌ وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ ذَهَبًا، وَقِيلَ مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ ذَهَبًا، وَقِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مِثْقَالٍ، وَقِيلَ مِائَةُ رِطْلٌ ذَهَبًا، وَقَدْ كَانَ أَرَادَ عُمَرُ قَصْرَ أَكْثَرِهِ عَلَى قَدْرِ مُهُورِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَرَدَّ الزِّيَادَةَ إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَتَكَلَّمَ بِهِ فِي الْخُطْبَةِ فَرَدَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ مُحْتَجَّةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute