٥٩٦ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّك أَمَرْت الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي، فَأَرَدْت أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدُهُ أَحَقُّ مَنْ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُك وَوَلَدُك أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ أَجْرُ الْمُكْتَسِبِ أَوْفَرَ إلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " وَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ " فَهُوَ يُشْعِرُ بِالْمُسَاوَاةِ
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّك أَمَرْت الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي فَأَرَدْت أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدُهُ أَحَقُّ مَنْ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ زَوْجُك وَوَلَدُك أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى مَنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ أَفْضَلُ وَأَوْلَى.
وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي صَدَقَةِ الْوَاجِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّطَوُّعُ وَالْأَوَّلُ أَوْضَحُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ «عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُجْزِي عَنَّا أَنْ نَجْعَلَ الصَّدَقَةَ فِي زَوْجٍ فَقِيرٍ وَأَبْنَاءِ أَخٍ أَيْتَامٍ فِي حُجُورِنَا؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَك أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الصِّلَةِ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ وَهُوَ أَوْضَحُ فِي صَدَقَةِ الْوَاجِبِ لِقَوْلِهَا: " أَيُجْزِي " وَلِقَوْلِهِ: " صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ " إذْ الصَّدَقَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَتَبَادَرُ فِي الْوَاجِبَةِ وَبِهَذَا جَزَمَ الْمَازِنِيُّ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ صَرْفِ زَكَاةِ الْمَرْأَةِ فِي زَوْجِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَفِيهِ خِلَافٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَلَا دَلِيلَ لَهُ يُقَاوِمُ النَّصَّ الْمَذْكُورَ.
وَمَنْ اسْتَدَلَّ لَهُ بِأَنَّهَا تَعُودُ إلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ فَكَأَنَّهَا مَا خَرَّجَتْ عَنْهَا فَقَدْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَنْعُ صَرْفِهَا صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ فِي زَوْجِهَا مَعَ أَنَّهَا يَجُوزُ صَرْفُهَا فِيهِ اتِّفَاقًا.
وَأَمَّا الزَّوْجُ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُ صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ فِي زَوْجَتِهِ قَالُوا:؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ وَعِنْدِي فِي هَذَا الْأَخِيرِ تَوَقُّفٌ؛ لِأَنَّ غِنَى الْمَرْأَةِ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا لَا يُصَيِّرُهَا غَنِيَّةً الْغِنَى الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ حِلِّ الزَّكَاةِ لَهَا.
وَفِي قَوْلِهِ (وَوَلَدُهُ) مَا يَدُلُّ عَلَى إجْزَائِهَا فِي الْوَلَدِ إلَّا أَنَّهُ ادَّعَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ صَرْفِهَا إلَى الْوَلَدِ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْوَاجِبَةِ أَوْ أَنَّ الصَّرْفَ إلَى الزَّوْجِ وَهُوَ الْمُنْفِقُ عَلَى الْأَوْلَادِ أَوْ أَنَّ الْأَوْلَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute