١٠٨١ - وَعَنْ «رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ فَأَقْعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأُمَّ نَاحِيَةً وَالْأَبَ نَاحِيَةً، وَأَقْعَدَ الصَّبِيَّ بَيْنَهُمَا فَمَالَ إلَى أُمِّهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَمَالَ إلَى أَبِيهِ فَأَخَذَهُ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
يَبْلُغَ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفَاصِيلُ بِلَا دَلِيلٍ.
وَاسْتَدَلَّ نُفَاةُ التَّخْيِيرِ بِعُمُومِ حَدِيثِ «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» قَالُوا: وَلَوْ كَانَ الِاخْتِيَارُ إلَى الصَّغِيرِ مَا كَانَتْ أَحَقَّ بِهِ.
(وَأُجِيبَ) بِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَامًّا فِي الْأَزْمِنَةِ أَوْ مُطْلَقًا فِيهَا فَحَدِيثُ التَّخْيِيرِ يُخَصِّصُهُ، أَوْ يُقَيِّدُهُ، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ الصَّبِيُّ أَحَدَ أَبَوَيْهِ فَقِيلَ: يَكُونُ لِلْأُمِّ بِلَا قُرْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْحِضَانَةَ حَقٌّ لَهَا، وَإِنَّمَا يُنْقَلُ عَنْهَا بِاخْتِيَارِهِ، فَإِذَا لَمْ يُخَيَّرْ بَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ وَقِيلَ: وَهُوَ الْأَقْوَى دَلِيلًا إنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا إذْ قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْعَةِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اسْتَهِمَا، فَقَالَ الرَّجُلُ مَنْ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ وَلَدِي، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَرْ أَيَّهمَا شِئْت فَاخْتَارَ أُمَّهُ فَذَهَبَتْ بِهِ». أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْقُرْعَةِ عَلَى الِاخْتِيَارِ لَكِنْ قُدِّمَ الِاخْتِيَارُ عَلَيْهَا لِعَمَلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ إنَّ التَّخْيِيرَ وَالْقُرْعَةَ لَا يَكُونَانِ إلَّا إذَا حَصَلَتْ بِهِ مَصْلَحَةُ الْوَلَدِ فَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ أَصَوْنَ مِنْ الْأَبِ وَأَغْيَرَ مِنْهُ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ، وَلَا الْتِفَاتَ إلَى قُرْعَةٍ، وَلَا اخْتِيَارِ الصَّبِيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَإِنَّهُ ضَعِيفُ الْقَوْلِ يُؤْثِرُ الْبَطَالَةَ وَاللَّعِبَ، فَإِذَا اخْتَارَ مَنْ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَا الْتِفَاتَ إلَى اخْتِيَارِهِ وَكَانَ عِنْدَ مَنْ هُوَ أَنْفَعُ لَهُ، وَلَا تَحْتَمِلُ الشَّرِيعَةُ غَيْرَ هَذَا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» وَاَللَّهُ يَقُولُ: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}، فَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ تَتْرُكُهُ فِي الْمَكْتَبِ أَوْ تُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ وَالصَّبِيُّ يُؤْثِرُ اللَّعِبَ وَمُعَاشَرَةَ أَقْرَانِهِ وَأَبُوهُ يُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا أَحَقُّ بِهِ، وَلَا تَخْيِيرَ، وَلَا قُرْعَةَ وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ انْتَهَى. وَهَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ.
(وَعَنْ «رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ فَأَقْعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأُمَّ فِي نَاحِيَةٍ وَالْأَبَ فِي نَاحِيَةٍ وَأَقْعَدَ الصَّبِيَّ بَيْنَهُمَا فَمَالَ إلَى أُمِّهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَمَالَ إلَى أَبِيهِ فَأَخَذَهُ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) إلَّا أَنَّهُ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ النَّقْلِ. وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ رَافِعٍ ضَعَّفَهُ الثَّوْرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.
وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الصَّبِيُّ فَقِيلَ: إنَّهُ أُنْثَى وَقِيلَ: ذَكَرٌ وَالْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ تَخْيِيرُ الصَّبِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ التَّخْيِيرِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا أَقْعَدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا وَدَعَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute