للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٧ - وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ. وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ.

١٤٨ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ

فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ عَنْهُ: «كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرِ فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ إلَى خَمْسَةِ أَقْدَامٍ، وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ إلَى سَبْعَةِ أَقْدَامٍ» ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَتِمُّ بِهِ الِاسْتِدْلَال فِي الْمَوَاقِيتِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ حَدِيثَ الْإِبْرَادِ يُخَصِّصُ فَضِيلَةَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا بِزَمَانِ شِدَّةِ الْحَرِّ، كَمَا قِيلَ إنَّهُ مُخَصَّصٌ بِالْفَجْرِ.

وَعَنْ " رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ " قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ»، وَفِي رِوَايَةٍ: " أَسْفِرُوا " [فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ] رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَهَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُد، وَبِهِ احْتَجَّتْ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى تَأْخِيرِ الْفَجْرِ إلَى الْإِسْفَارِ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّ اسْتِمْرَارَ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَلَسٍ، وَبِمَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْفَرَ بِالصُّبْحِ مَرَّةً ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدُ بِغَلَسٍ حَتَّى مَاتَ» يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ " بِأَصْبِحُوا " غَيْرُ " ظَاهِرِهِ، فَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ تَحَقُّقُ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَنَّ " أَعْظَمَ " لَيْسَ لِلتَّفْضِيلِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ إطَالَةُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا مُسْفِرًا. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ اللَّيَالِي الْمُقْمِرَةُ، فَإِنَّهُ لَا يَتَّضِحُ أَوَّلُ الْفَجْرِ مَعَهَا، لِغَلَبَةِ نُورِ الْقَمَرِ لِنُورِهِ، أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِعُذْرٍ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ عَلَى خِلَافِهِ، كَمَا يُفِيدُهُ حَدِيثُ " أَنَسٍ ".

وَأَمَّا الرَّدُّ عَلَى حَدِيثِ الْإِسْفَارِ بِحَدِيثِ " عَائِشَةَ " عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ: «مَا صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا الْآخَرِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ» فَلَيْسَ بِتَامٍّ؛ لِأَنَّ الْإِسْفَارَ لَيْسَ آخِرَ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ، بَلْ آخِرُهُ مَا يُفِيدُهُ.

وَعَنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -[أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ] أَيْ وَأَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى بَعْدِ طُلُوعِهَا [فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ] ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً فَقَطْ، وَالْمُرَادُ فَقَدْ أَدْرَكَ صَلَاتَهُ، لِوُقُوعِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ [وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ] فَفَعَلَهَا [قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ] وَإِنْ فَعَلَ الثَّلَاثَ بَعْدَ الْغُرُوبِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا حَمَلْنَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِتْيَانُ بِالرَّكْعَةِ بَعْدَ الطُّلُوعِ، وَبِالثَّلَاثِ بَعْدَ الْغُرُوبِ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مَنْ أَتَى بِرَكْعَةٍ فَقَطْ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ صَارَ مُدْرِكًا لَهُمَا.

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْفَجْرِ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَرَكْعَةً بَعْدَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ أَدْرَكَ فِي الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى».

وَفِي الْعَصْرِ: مِنْ حَدِيثِ " أَبِي هُرَيْرَةَ " بِلَفْظِ: «مَنْ صَلَّى مِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى مَا بَقِيَ بَعْدَ غُرُوبِهَا لَمْ يَفُتْهُ الْعَصْرُ» وَالْمُرَادُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْإِتْيَانُ بِوَاجِبَاتِهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ، وَاسْتِكْمَالِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.

وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْكُلَّ أَدَاءٌ، وَأَنَّ الْإِتْيَانَ بِبَعْضِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ يَنْسَحِبُ حُكْمُهُ عَلَى مَا بَعْدَ خُرُوجِهِ، فَضْلًا مِنْ اللَّهِ، ثُمَّ مَفْهُومُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلصَّلَاةِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>