٧٤٨ - وَعَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَكَانَ بَيْعًا يَبْتَاعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ: كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
(وَعَنْهُ) أَيْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ فِيهِمَا (وَكَانَ بَيْعًا يَبْتَاعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ) وَفَسَّرَهُ قَوْلُهُ (كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّ الزَّايِ أَيْ الْبَعِيرَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤَنَّثٌ وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى مُذَكَّرٍ تَقُولُ هَذَا الْجَزُورُ (إلَى أَنْ تُنْتَجَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ أَيْ تَلِدَ النَّاقَةُ وَهَذَا الْفِعْلُ لَمْ يَأْتِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ إلَّا عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَجْهُولِ (ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا) وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ قَوْلِهِ وَكَانَ بَيْعًا إلَخْ مُدْرَجٌ فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ وَقِيلَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ) وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ حَمْلُ وَلَدِ النَّاقَةِ مِنْ دُونِ اشْتِرَاطِ الْإِنْتَاجِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ نِتَاجُهَا قَدْ حُمِلَ أَوْ أُنْتِجَ، وَالْحَبَلُ مَصْدَرُ حَبِلَتْ تَحْبَلُ سُمِّيَ بِهِ الْمَحْبُولُ، وَالْحَبَلَةُ جَمْعُ حَابِلٍ مِثْلُ ظَلَمَةٌ فِي ظَالِمٍ وَكَتَبَةٌ فِي كَاتِبٍ، وَيُقَالُ حَابِلٌ وَحَابِلَةٌ بِالتَّاءِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَمْ يَرِدْ الْحَبَلُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيَّاتِ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ ثَبَتَ فِي غَيْرِهِ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ هَذَا الْبَيْعِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ هَلْ هُوَ مِنْ حَيْثُ يُؤَجَّلُ بِثَمَنِ الْجَزُورِ إلَى أَنْ يَحِلَّ النِّتَاجُ الْمَذْكُورُ أَوْ أَنَّهُ يَبِيعُ مِنْهُ النِّتَاجَ. ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: وَعِلَّةُ النَّهْيِ جَهَالَةُ الْأَجَلِ، وَذَهَبَ إلَى الثَّانِي أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَبِهِ جَزَمَ التِّرْمِذِيُّ قَالُوا وَعِلَّةُ النَّهْيِ هُوَ كَوْنُهُ بَيْعَ مَعْدُومٍ وَمَجْهُولٍ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي بَيْعِ الْغَرَرِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا الْبُخَارِيُّ حَيْثُ صَدَّرَ الْبَابَ بِبَيْعِ الْغَرَرِ وَأَشَارَ إلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَرَجَّحَهُ أَيْضًا فِي بَابِ تَفْسِيرِ السَّلَمِ بِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِلْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ مُوَافِقًا لِلثَّانِي، نَعَمْ وَيَتَحَصَّلُ مِنْ الْخِلَافِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ لِأَنَّهُ يُقَالُ هَلْ الْمُرَادُ الْبَيْعُ إلَى أَجَلٍ أَوْ بَيْعُ الْجَنِينِ وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ الْمُرَادُ بِالْأَجَلِ وِلَادَةُ الْأُمِّ أَوْ وِلَادَةُ وَلَدِهَا، وَعَلَى الثَّانِي هَلْ الْمُرَادُ بَيْعُ الْجَنِينِ الْأَوَّلِ أَوْ جَنِينِ الْجَنِينِ فَصَارَتْ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ. هَذَا وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ كَيْسَانَ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْمُبَرَّدِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَبَلَةِ الْكَرْمَةُ وَأَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ الْعِنَبِ قَبْلَ أَنْ يَصْلُحَ فَأَصْلُهُ عَلَى هَذَا بِسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ لَكِنَّ الرِّوَايَاتِ بِالتَّحْرِيكِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ حُكِيَ فِي الْحَبَلَةِ بِمَعْنَى الْكَرْمَةِ فَتْحُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute