للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٨ - وَعَنْ «حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: كُنْت أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً، فَأَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْتَفْتِيهِ، فَقَالَ: إنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ، أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَإِذَا اسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ، وَصُومِي وَصَلِّي، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُك، وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي كُلَّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ، فَإِنْ قَوِيت عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِي حِينَ تَطْهُرِينَ، وَتُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ تُؤَخِّرِينَ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِينَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَافْعَلِي. وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الصُّبْحِ وَتُصَلِّينَ. قَالَ: وَهُوَ أَعْجَبُ الْأَمْرَيْنِ إلَيَّ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْبُخَارِيُّ

وَاحِدًا، وَتَتَوَضَّأْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ» هَذَا الْحَدِيثُ وَحَدِيثُ " حَمْنَةَ " الْآتِي، فِيهِ الْأَمْرُ بِالِاغْتِسَالِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي حَدِيثِ " حَمْنَةَ " أَنَّ الْمُرَادَ إذَا أَخَّرَتْ الظُّهْرَ وَالْمَغْرِبَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا وَقَّتَتْ اغْتَسَلَتْ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ، فَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الِاغْتِسَالُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالُوا رِوَايَةُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ» ضَعِيفَةٌ، وَبَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ ضَعْفَهَا. وَقِيلَ: بَلْ هُوَ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ " فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ " أَنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.

قُلْت: إلَّا أَنَّ النَّسْخَ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُتَأَخِّرِ، ثُمَّ إنَّهُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: إنَّ حَدِيثَ " أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ " حَسَنٌ، فَالْجَمْعُ بَيْنَ حَدِيثِهَا، وَحَدِيثِ " فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ "، أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْغُسْلَ مَنْدُوبٌ بِقَرِينَةِ عَدَمِ أَمْرِ " فَاطِمَةَ " بِهِ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى أَمْرِهَا بِالْوُضُوءِ، فَالْوُضُوءُ هُوَ الْوَاجِبُ، وَقَدْ جَنَحَ الشَّافِعِيُّ إلَى هَذَا.

وَعَنْ " حَمْنَةَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ فَنُونٍ بِنْتِ جَحْشٍ " بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ: هِيَ أُخْتُ " زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَامْرَأَةُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ". [قَالَتْ: كُنْت أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً] فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد بَيَانٌ لِكَثْرَتِهَا، «قَالَتْ: إنَّمَا أَثَجُّ ثَجًّا، فَأَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ: إنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنْ الشَّيْطَانِ» مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ وَجَدَ سَبِيلًا إلَى التَّلْبِيسِ عَلَيْهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا وَطُهْرِهَا وَصَلَاتِهَا؛ حَتَّى أَنْسَاهَا عَادَتَهَا، وَصَارَتْ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّهَا رَكْضَةٌ مِنْهُ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ عِرْقٌ يُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>