١٠٢٣ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَقَفَ الْمُولِي حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
أَخْرَجَهَا الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ تَحْرِيمُهُ لِمَارِيَةَ، وَأَنَّهُ أَسَرَّهُ إلَى حَفْصَةَ فَأَخْبَرَتْ بِهِ عَائِشَةَ، أَوْ تَحْرِيمُهُ لِلْعَسَلِ وَقِيلَ: بَلْ أَسَرَّ إلَى حَفْصَةَ أَنَّ أَبَاهَا يَلِي أَمْرَ الْأُمَّةِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ لَا تُخْبِرِي عَائِشَةَ بِتَحْرِيمِي مَارِيَةَ.
(وَثَانِيهَا): السَّبَبُ فِي إيلَائِهِ «أَنْ فَرَّقَ هَدِيَّةً جَاءَتْ لَهُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَلَمْ تَرْضَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ بِنَصِيبِهَا فَزَادَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَلَمْ تَرْضَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ أَقْمَتْ وَجْهَك تَرُدُّ عَلَيْك الْهَدِيَّةَ، فَقَالَ: لَأَنْتُنَّ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يَغُمَّنِي لَا أَدْخُلُ عَلَيْكُمْ شَهْرًا» أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ، وَقَالَ ذَبَحَ ذَبْحًا.
(ثَالِثُهَا): أَنَّهُ بِسَبَبِ طَلَبِهِنَّ النَّفَقَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
فَهَذِهِ أَسْبَابٌ ثَلَاثَةٌ إمَّا لِإِفْشَاءِ بَعْضِ نِسَائِهِ السِّرَّ وَهِيَ حَفْصَةُ وَالسِّرُّ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ إمَّا تَحْرِيمُهُ مَارِيَةَ، أَوْ الْعَسَلَ، أَوْ بِتَحْرِيجِ صَدْرِهِ مِنْ قِبَلِ مَا فَرَّقَهُ بَيْنَهُنَّ مِنْ الْهَدِيَّةِ، أَوْ تَضْيِيقِهِنَّ فِي طَلَبِ النَّفَقَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَاللَّائِقُ بِمَكَارِمِ أَخْلَاقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَعَةِ صَدْرِهِ وَكَثْرَةِ صَفْحِهِ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سَبَبًا لِاعْتِزَالِهِنَّ. وَقَوْلُهَا وَحَرَّمَ أَيْ حَرَّمَ مَارِيَةَ أَوْ الْعَسَلَ وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ لِلْجِمَاعِ حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَابِ الْإِيلَاءِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا وَجْهَ لِجَزْمِ ابْنِ بَطَّالٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْتَنَعَ مِنْ جِمَاعِ نِسَائِهِ ذَلِكَ الشَّهْرَ إنْ أَخَذَهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ دُخُولِهِ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا تَدْخُلَ إحْدَاهُنَّ عَلَيْهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي اعْتَزَلَ فِيهِ إلَّا إنْ كَانَ الْمَكَانُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَتِمُّ اسْتِلْزَامَ عَدَمِ الدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ مَعَ اسْتِمْرَارِ الْإِقَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ فِي الْمَسْجِدِ.
(وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَقَفَ الْمُولِي حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ) الْحَدِيثُ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْإِيلَاءِ: (الْأُولَى) فِي الْيَمِينِ، فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَقَالَ الْجُمْهُورُ يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ بِكُلِّ يَمِينٍ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ سَوَاءٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ، وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا مَا كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَلَا تَشْمَلُ الْآيَةُ مَا كَانَ بِغَيْرِهِ.
(قُلْت): وَهُوَ الْحَقُّ.
(الثَّانِيَةُ) فِي الْأَمْرِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْإِيلَاءُ، وَهُوَ تَرْكُ الْجِمَاعِ صَرِيحًا، أَوْ كِنَايَةً، أَوْ تَرْكُ الْكَلَامِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ لَا مُجَرَّدَ الِامْتِنَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute