٦٩ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: إنْ شِئْت قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
أَوْ قَلْسٌ» بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ [أَوْ مَذْيٌ] أَيْ مَنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ [فَلْيَنْصَرِفْ] مِنْهُ [فَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ] أَيْ فِي حَالِ انْصِرَافِهِ وَوُضُوئِهِ [لَا يَتَكَلَّمُ]؛ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَحَاصِلُ مَا ضَعَّفُوهُ بِهِ، أَنَّ رَفْعَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَلَطٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ. قَالَ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ: الْمُرْسَلُ الصَّوَابُ، فَمَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمُرْسَلَ حُجَّةٌ قَالَ: يَنْقُضُ مَا ذُكِرَ فِيهِ.
وَالنَّقْضُ بِالْقَيْءِ مَذْهَبُ الْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ، وَشَرَطَتْ الْهَادَوِيَّةُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَعِدَةِ، إذْ لَا يُسَمَّى قَيْئًا إلَّا مَا كَانَ مِنْهَا، وَأَنْ يَكُونَ مِلْءَ الْفَمِ دَفْعَةً لِوُرُودِ مَا يُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ هُنَا وَهُوَ قَيْءُ ذِرَاعٍ وَدَسْعَةٍ - دَفْعَةٍ - تَمْلَأُ الْفَمَ، كَمَا فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ "، وَإِنْ كَانَ قَدْ ضَعُفَ. وَعِنْدَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا، عَمَلًا بِمُطْلَقِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ حَدِيثُ عَمَّارٍ ".
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ إلَى أَنَّ الْقَيْءَ غَيْرُ نَاقِضٍ، لِعَدَمِ ثُبُوتِ حَدِيثِ عَائِشَةَ " هَذَا مَرْفُوعًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْضِ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ قَوِيٍّ.
وَأَمَّا الرُّعَافُ: فَفِي نَقْضِهِ الْخِلَافُ أَيْضًا؛ فَمَنْ قَالَ بِنَقْضِهِ فَهُوَ عَمِلَ بِهَذَا الْحَدِيثِ؛ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ نَقْضِهِ، فَإِنَّهُ عَمِلَ بِالْأَصْلِ وَلَمْ يَرْفَعْ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَأَمَّا الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْبَدَنِ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ».
وَأَمَّا الْقَلْسُ: وَهُوَ مَا خَرَجَ مِنْ الْحَلْقِ مِلْءَ الْفَمِ أَوْ دُونَهُ وَلَيْسَ بِقَيْءٍ، فَإِنْ عَادَ فَهُوَ الْقَيْءُ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ نَاقِضٍ، لِعَدَمِ نُهُوضِ الدَّلِيلِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَصْلِ. وَأَمَّا الْمَذْيُ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ نَاقِضٌ إجْمَاعًا.
وَأَمَّا مَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا، وَإِعَادَةِ الْوُضُوءِ حَيْثُ لَمْ يَتَكَلَّمْ، فَفِيهِ خِلَافٌ، فَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ "، وَالْحَنَفِيَّةِ، وَمَالِكٍ، وَقَدِيمِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَبْنِي وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، بِشَرْطِ أَلَّا يَفْعَلَ مُفْسِدًا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْحَدِيثُ بِقَوْلِهِ: [لَا يَتَكَلَّمُ].
وَقَالَ الْهَادَوِيَّةُ وَالنَّاصِرُ وَالشَّافِعِيُّ فِي آخِرِ قَوْلَيْهِ: إنَّ الْحَدَثَ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، لِمَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ: «إذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ، فَرَاءٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو خَالِدٍ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ الْعَامِرِيُّ " "