٣٤ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الْأَحَادِيثِ، وَمِنْ حَدِيثِ " الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ " عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَالطَّحَاوِيِّ، بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. وَمِنْ حَدِيثِ " الرَّبِيعِ "، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا. وَمِنْ حَدِيثِ " أَنَسٍ " عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَالْحَاكِمِ؛ وَمِنْ حَدِيثِ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ " وَفِيهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ أُذُنَيْهِ بِمَاءٍ غَيْرِ الْمَاءِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ» وَسَيَأْتِي، وَقَالَ فِيهِ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَقَالَ الَّذِي فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ «وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ» وَلَمْ يَذْكُرْ الْأُذُنَيْنِ، وَأَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيِّ كَذَلِكَ
، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُؤْخَذُ لِلْأُذُنَيْنِ مَاءٌ جَدِيدٌ أَوْ يُمْسَحَانِ بِبَقِيَّةِ مَا مُسِحَ بِهِ الرَّأْسُ؟ وَالْأَحَادِيثُ قَدْ وَرَدَتْ بِهَذَا وَهَذَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا.
وَعَنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ» ظَاهِرُهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا [فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا] فِي الْقَامُوسِ، اسْتَنْثَرَ: اسْتَنْشَقَ الْمَاءَ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ ذَلِكَ بِنَفْسِ الْأَنْفِ (اهـ). وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، فَمَعَ الْجَمْعِ يُرَادُ مِنْ الِاسْتِنْثَارِ دَفْعُ الْمَاءِ مِنْ الْأَنْفِ، وَمِنْ الِاسْتِنْشَاقِ جَذْبُهُ إلَى الْأَنْفِ [فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ هُوَ أَعْلَى الْأَنْفِ، وَقِيلَ: الْأَنْفُ كُلُّهُ، وَقِيلَ: عِظَامٌ رِقَاقٌ لَيِّنَةٌ فِي أَقْصَى الْأَنْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّمَاغِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
] الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِنْثَارِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ النَّوْمِ مُطْلَقًا، إلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ» الْحَدِيثَ، فَيُقَيَّدُ الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ بِهِ هُنَا بِإِرَادَةِ الْوُضُوءِ، وَيُقَيَّدُ النَّوْمُ بِمَنَامِ اللَّيْلِ كَمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ يَبِيتُ، إذْ الْبَيْتُوتَةُ فِيهِ، قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ خُرِّجَ عَلَى الْغَالِبِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَوْمِ اللَّيْلِ وَنَوْمِ النَّهَارِ.
وَالْحَدِيثُ مِنْ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْثَارِ دُونَ الْمَضْمَضَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يَجِبُ، بَلْ الْأَمْرُ لِلنَّدَبِ، وَاسْتَدَلُّوا «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَعْرَابِيِّ تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ» وَعَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ «لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدٍ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ» كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ.
وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ مِنْ رِوَايَاتِ صِفَةِ وُضُوئِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مِنْ حَدِيثِ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ "؛ وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَدَمُ ذِكْرِهِمَا مَعَ اسْتِيفَاءِ صِفَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute