. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
«أَنَّهُ يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ» وَيُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلذِّمِّيِّ حَقٌّ فِي رَدِّ السَّلَامِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَيَأْتِي حَدِيثُ «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ» وَيَأْتِي فِيهِ الْكَلَامُ وَقَوْلُهُ " إذَا لَقِيته " يَدُلُّ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا فَارَقَهُ لَكِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ حَدِيثُ «إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيُسَلِّمْ وَإِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ وَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الْآخِرَةِ».
فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ إذَا لَقِيته ثُمَّ الْمُرَادُ بِلَقِيتُهُ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ بَيْنَهُمَا الِافْتِرَاقُ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «. وَإِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ فَإِنْ حَالَ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ» وَقَالَ أَنَسٌ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُتَمَاشَوْنَ فَإِذَا لَقِيَتْهُمْ شَجَرَةٌ أَوْ أَكَمَةٌ تَفَرَّقُوا يَمِينًا وَشِمَالًا فَإِذَا الْتَقَوْا مِنْ وَرَائِهَا يُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
وَالثَّانِيَةُ " وَإِذَا دَعَاك فَأَجِبْهُ " ظَاهِرُهُ عُمُومُ أَحَقِّيَّةِ الْإِجَابَةِ فِي كُلِّ دَعْوَةٍ يَدْعُوهُ لَهَا وَخَصَّهَا الْعُلَمَاءُ بِإِجَابَةِ دَعْوَةِ الْوَلِيمَةِ وَنَحْوِهَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا فِي دَعْوَةِ الْوَلِيمَةِ وَاجِبَةٌ وَفِيمَا عَدَاهَا مَنْدُوبَةٌ لِثُبُوتِ الْوَعِيدِ عَلَى مَنْ لَمْ يُجِبْ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ.
" وَالثَّالِثَةُ " قَوْلُهُ " وَإِذَا اسْتَنْصَحَك " أَيْ طَلَبَ مِنْك النَّصِيحَةَ " فَانْصَحْهُ " دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ نَصِيحَةِ مَنْ يَسْتَنْصِحُ وَعَدَمِ الْغِشِّ لَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ نَصِيحَتُهُ إلَّا عِنْدَ طَلَبِهَا وَالنُّصْحُ بِغَيْرِ طَلَبٍ مَنْدُوبٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ.
" الرَّابِعَةُ " قَوْلُهُ «وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ» بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ ثَعْلَبٌ يُقَالُ شَمَّتَّ الْعَاطِسَ وَسَمَّتَهُ إذَا دَعَوْت لَهُ بِالْهُدَى وَحُسْنِ السَّمْتِ الْمُسْتَقِيمِ قَالَ: وَالْأَصْلُ فِيهِ السِّينُ الْمُهْمَلَةُ فَقُلِبَتْ شِينًا مُعْجَمَةً. فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّشْمِيتِ لِلْعَاطِسِ الْحَامِدِ. وَأَمَّا الْحَمْدُ عَلَى الْعُطَاسِ فَمَا فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ. وَقَدْ جَاءَ كَيْفِيَّةُ الْحَمْدِ وَكَيْفِيَّةُ التَّشْمِيتِ وَكَيْفِيَّةُ جَوَابِ الْعَاطِسِ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَلْيَقُلْ هُوَ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِيهِ زِيَادَةٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَيَقُولُ هُوَ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» أَيْ شَأْنَكُمْ وَإِلَى هَذَا الْجَوَابِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إلَى أَنَّهُ يَقُولُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ أَيَّ اللَّفْظَيْنِ وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. وَإِلَى وُجُوبِ التَّشْمِيتِ لِمَنْ ذُكِرَ ذَهَبَتْ الظَّاهِرِيَّةُ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ سَامِعٍ.
وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَسْمَعُهُ أَنْ يَقُولَ يَرْحَمُك اللَّهُ» وَكَأَنَّهُ مَذْهَب أَبِي دَاوُد صَاحِبِ السُّنَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute