٣٨٨ - وَعَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي
فِي غَيْرِهِ.
وَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ أَنَّهَا تَفْسُدُ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ خَلْفَهَا وَعَلَى مَنْ فِي صَفِّهَا إنْ عَلِمُوا وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى فَسَادِ صَلَاةِ الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى الْفَسَادِ فِي الصُّورَتَيْنِ.
«وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَادَك اللَّهُ حِرْصًا» أَيْ عَلَى طَلَبِ الْخَيْرِ (وَلَا تَعُدْ ") بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ الْعَوْدِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَزَادَ أَبُو دَاوُد فِيهِ فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إلَى الصَّفِّ) الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَلَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَصِلَ الصَّفَّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "، وَلَا تَعُدْ " وَقِيلَ بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ لِصَلَاتِهِ فَدَلَّ عَلَى صِحَّتهَا. قُلْت لَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا لِلْحُكْمِ، وَالْجَهْلُ عُذْرٌ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ - قَالَ الْهَيْثَمِيُّ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ - أَنَّهُ قَالَ " إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ وَالنَّاسُ رُكُوعٌ فَلْيَرْكَعْ حِينَ يَدْخُلُ ثُمَّ يَدِبُّ رَاكِعًا حَتَّى يَدْخُلَ فِي الصَّفِّ فَإِنَّ ذَلِكَ السُّنَّةُ " قَالَ عَطَاءٌ قَدْ رَأَيْته يَصْنَعُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَدْ رَأَيْت عَطَاءً يَصْنَعُ ذَلِكَ.
قُلْت وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ، وَلَا تُعِدْ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ الْإِعَادَةِ أَيْ زَادَك اللَّهُ حِرْصًا عَلَى طَلَبِ الْخَيْرِ، وَلَا تُعِدْ صَلَاتَك فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَرُوِيَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَدْوِ وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ السَّكَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ بِلَفْظِ «أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَانْطَلَقْت أَسْعَى حَتَّى دَخَلْت فِي الصَّفِّ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: مَنْ السَّاعِي آنِفًا قَالَ أَبُو بَكْرَةَ: فَقُلْت أَنَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَادَك اللَّهُ حِرْصًا، وَلَا تَعْدُ»، وَالْأَقْرَبُ رِوَايَةُ أَنَّهُ لَا تَعُدْ مِنْ الْعَوْدِ أَيْ لَا تَعُدْ سَاعِيًا إلَى الدُّخُولِ قَبْلَ وُصُولِك الصَّفَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يُشْعِرُ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ حَتَّى يُفْتِيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا بَلْ قَوْلُهُ زَادَك اللَّهُ حِرْصًا يُشْعِرُ بِإِجْزَائِهَا، أَوْ لَا تَعْدُ مِنْ الْعَدْوِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute