للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ - وَعِنْدَ الْأَرْبَعَةِ " أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ "

يَعْنِي (يُجَرْجِرُ) وَإِنْ كَانَ فَاعِلُهُ النَّارَ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، لِلْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فِعْلِهَا، وَلِأَنَّ تَأْنِيثَهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَصْبِ نَارِ جَهَنَّمَ، وَفَاعِلُ الْجَرْجَرَةِ هُوَ الشَّارِبُ، وَالنَّارُ مَفْعُولُهُ، وَالْمَعْنَى: كَأَنَّمَا يُجَرَّعُ نَارَ جَهَنَّمَ مِنْ بَابِ {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالنَّصْبُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّارِحُونَ، وَأَهْلُ الْعُرْفِ، وَاللُّغَةِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَزْهَرِيُّ وَجَهَنَّمَ عَجَمِيَّةٌ لَا تَنْصَرِفُ لِلتَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّةِ، إذْ هِيَ عَلَمٌ لِطَبَقَةٍ مِنْ طَبَقَاتِ النَّارِ - أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا - سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبُعْدِ قَعْرِهَا، وَقِيلَ لِغِلَظِ أَمْرِهَا فِي الْعِقَابِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ " حُذَيْفَةَ " الْأَوَّلُ.

[وَعَنْ " ابْنِ عَبَّاسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ بِزِنَةِ كِتَابٍ، هُوَ: الْجِلْدُ. أَوْ مَا لَمْ يُدْبَغْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ [فَقَدْ طَهُرَ] بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْهَاءِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَا كَمَا يُفِيدُهُ الْقَامُوسِ، أَخْرَجَهُ " مُسْلِمٌ " بِهَذَا اللَّفْظِ عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ وَهُمْ أَهْلُ السُّنَنِ: «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ تَمَامُهُ فَقَدْ طَهُرَ» وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إنَّمَا اخْتَلَفَ لَفْظُهُ، وَقَدْ رُوِيَ بِأَلْفَاظٍ. وَذُكِرَ لَهُ سَبَبٌ وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ لِمَيْمُونَةَ فَقَالَ: أَلَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا فَإِنَّ دِبَاغَ الْأَدِيمِ طَهُورٌ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ " سَوْدَةَ " قَالَتْ: «مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مِسْكَهَا ثُمَّ مَا زِلْنَا نَنْتَبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَ شَنًّا».

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ لِجِلْدِ مَيْتَةِ كُلِّ حَيَوَانٍ، كَمَا يُفِيدُهُ عُمُومُ كَلِمَةِ " أَيُّمَا " وَأَنَّهُ يَطْهُرُ بَاطِنُهُ وَظَاهِرُهُ.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ:

(الْأَوَّلُ) أَنَّ الدِّبَاغَ يُطَهِّرُ جِلْدَ الْمَيْتَةِ بَاطِنَهُ وَظَاهِرَهُ وَلَا يُخَصُّ مِنْهُ شَيْءٌ، عَمَلًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ " ابْنِ عَبَّاسٍ " وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَابْنِ مَسْعُودٍ.

(الثَّانِي) مِنْ الْأَقْوَالِ: أَنَّهُ لَا يُطَهِّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>