٤١٥ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنْ الشَّامِ، فَانْفَتَلَ النَّاسُ إلَيْهَا، حَتَّى لَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
٤١٦ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَدْرَكَ
نَوْمٌ فَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ أَحْمَدَ، وَإِنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِلَفْظِ رِوَايَةِ " عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لِئَلَّا يَقُولَ قَائِلٌ إنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ الرَّاوِي فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقْرِيرِهِ فَدَفَعَهُ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي أَثْبَتَتْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى عَهْدِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فِي الْمَدِينَةِ فِي عَهْدِهِ سِوَاهُ فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ صَلَاتِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ لَا يُقِيلُونَ، وَلَا يَتَغَدَّوْنَ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} نَعَمْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَارِعُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الزَّوَالِ بِخِلَافِ الظُّهْرِ فَقَدْ كَانَ يُؤَخِّرُهُ بَعْدَهُ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ.
(وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا فَجَاءَتْ عِيرٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَرَاءٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْعِيرُ الْإِبِلُ بِأَحْمَالِهَا (مِنْ الشَّامِ فَانْفَتَلَ) بِالنُّونِ السَّاكِنَةِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ أَيْ انْصَرَفَ (النَّاسُ إلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ (إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا عَدَدٌ مُعَيَّنٌ كَمَا قِيلَ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَلَا مَا قِيلَ: إنَّ أَقَلَّ مَا تَنْعَقِدُ بِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا كَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِأَقَلَّ.
، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ هِيَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا الْآيَةُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} الْآيَةَ، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إنَّهُ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ " أَنَّ خُطْبَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي انْفَضُّوا عَنْهَا إنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَظَنُّوا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي الِانْفِضَاضِ عَنْ الْخُطْبَةِ، وَأَنَّهُ قَبْلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ " قَالَ الْقَاضِي، وَهَذَا أَشْبَهُ بِحَالِ أَصْحَابِهِ، وَالْمَظْنُونُ بِهِمْ مَا كَانُوا يَدَعُونَ الصَّلَاةَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّهُمْ ظَنُّوا جَوَازَ الِانْصِرَافِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute