للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٠٨٧ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ» بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (زَانٍ مُحْصَنٌ) يَأْتِي تَفْسِيرُهُ (فَيُرْجَمُ وَرَجُلٌ يَقْتُلُ مُسْلِمًا مُتَعَمِّدًا) قَيَّدَ مَا أَطْلَقَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ (فَيُقْتَلُ، «وَرَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ الْإِسْلَامِ فَيُحَارِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَيُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ، أَوْ يُنْفَى مِنْ الْأَرْضِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ).

الْحَدِيثُ أَفَادَ مَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ الَّذِي قَبْلَهُ.

وَقَوْلُهُ: فَيُحَارِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ يَخْرُجُ مِنْ الْإِسْلَامِ بَيَانٌ لِحُكْمٍ خَاصٍّ لِخَارِجٍ عَنْ الْإِسْلَامِ خَاصٍّ، وَهُوَ الْمُحَارِبُ وَلَهُ حُكْمٌ خَاصٌّ هُوَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَتْلِ، أَوْ الصَّلْبِ، أَوْ النَّفْيِ، فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الَّذِي أَفَادَهُ الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ: وَالنَّفْيُ الْحَبْسُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ النَّفْيُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لَا يَزَالُ يُطْلَبُ، وَهُوَ هَارِبٌ فَزِعٌ وَقِيلَ: يُنْفَى مِنْ بَلَدِهِ فَقَطْ: وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ أَيْضًا أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ فِي كُلِّ مُحَارِبٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا.

(وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ شَأْنِ دَمِ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ فِي الْقَضَاءِ إلَّا الْأَهَمَّ وَلَكِنَّهُ يُعَارِضُهُ حَدِيثُ «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ الْعَبْدُ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ». أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ حَدِيثَ الدِّمَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْمَخْلُوقِ وَحَدِيثَ الصَّلَاةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعِبَادَةِ الْخَالِقِ وَبِأَنَّ ذَلِكَ فِي أَوَّلِيَّةِ الْقَضَاءِ وَالْآخَرَ فِي أَوَّلِيَّةِ الْحِسَابِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ صَلَاتُهُ وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ»، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوَّلُ مَنْ يَحْثُو بَيْنَ يَدَيْ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي قَتْلَى بَدْرٍ» - الْحَدِيثَ " فَبَيَّنَ فِيهِ أَوَّلَ قَضِيَّةٍ يُقْضَى فِيهَا، وَقَدْ بَيَّنَ الِاخْتِصَامَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ وَيَأْتِي كُلُّ قَتِيلٍ قَدْ حَمَلَ رَأْسَهُ يَقُولُ يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي» - الْحَدِيثَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ «يَأْتِي الْمَقْتُولُ مُعَلِّقًا رَأْسَهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ مُلَبِّبًا قَاتِلَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى تَشَحَّطُ أَوْدَاجُهُ دَمًا حَتَّى يَقِفَا بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>