٩٦١ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ الْوَاصِلَةَ، وَالْمُسْتَوْصِلَة، وَالْوَاشِمَةَ، وَالْمُسْتَوْشِمَة» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ الْوَاصِلَةَ» بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ «، وَالْمُسْتَوْصِلَة، وَالْوَاشِمَةَ» بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ «وَالْمْسْتَوْصِلَة». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) الْوَاصِلَةُ هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَصِلُ شَعْرَهَا بِشَعْرِ غَيْرِهَا سَوَاءٌ فَعَلَتْهُ لِنَفْسِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا، وَالْمُسْتَوْصِلَة الَّتِي تَطْلُبُ فِعْلَ ذَلِكَ، وَزَادَ فِي الشَّرْحِ، وَيُفْعَلُ بِهَا، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، وَالْوَاشِمَةُ فَاعِلَةُ الْوَشْمِ، وَهُوَ أَنْ تَغْرِزَ إبْرَةً وَنَحْوَهَا فِي ظَهْرِ كَفِّهَا أَوْ شَفَتِهَا أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ بَدَنِهَا حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ ثُمَّ تَحْشُوَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِالْكُحْلِ وَالنُّورَةِ فَيَخْضَرَّ وَالْمُسْتَوْصِلَة الطَّالِبَةُ لِذَلِكَ، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ فَالْوَصْلُ مُحَرَّمٌ لِلْمَرْأَةِ مُطْلَقًا بِشَعْرٍ مُحَرَّمٍ أَوْ غَيْرِهِ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ذَاتَ زِينَةٍ أَوْ لَا مُزَوَّجَةً أَوْ غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ، وَلِلْهَادَوِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ خِلَافٌ، وَتَفَاصِيلُ لَا يَنْهَضُ عَلَيْهَا دَلِيلٌ بَلْ الْأَحَادِيثُ قَاضِيَةٌ بِالتَّحْرِيمِ مُطْلَقًا لِوَصْلِ الشَّعْرِ وَاسْتِيصَالِهِ كَمَا هِيَ قَاضِيَةٌ بِتَحْرِيمِ الْوَشْمِ وَسُؤَالِهِ وَدَلَّ اللَّعْنُ أَنَّ هَذِهِ الْمَعَاصِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ. هَذَا، وَقَدْ عُلِّلَ الْوَشْمُ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ الْخِضَابَ بِالْحِنَّاءِ، وَنَحْوَهُ تَشْمَلُهُ الْعِلَّةُ، وَإِنْ شَمِلَتْهُ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَبِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ أَمَرَ بِتَغْيِيرِ بَيَاضِ أَصَابِعِ الْمَرْأَةِ بِالْخِضَابِ كَمَا فِي قِصَّةِ هِنْدٍ فَأَمَّا وَصْلُ الشَّعْرِ بِالْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْخِرَقِ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالطَّبَرِيُّ، وَكَثِيرُونَ أَوْ قَالَ الْأَكْثَرُونَ الْوَصْلُ مَمْنُوعٌ بِكُلِّ شَيْءٍ سَوَاءٌ وَصَلَتْهُ بِصُوفٍ أَوْ حَرِيرٍ أَوْ خِرَقٍ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَجَرَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ بِرَأْسِهَا شَيْئًا»، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ النَّهْيُ مُخْتَصٌّ بِالْوَصْلِ بِالشَّعْرِ، وَلَا بَأْسَ بِوَصْلِهِ بِصُوفٍ أَوْ خِرَقٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ، وَلَا يَصِحُّ عَنْهَا.
قَالَ الْقَاضِي: وَأَمَّا رَبْطُ خُيُوطِ الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَصْلٍ، وَلَا لِمَعْنًى مَقْصُودٍ مِنْ الْوَصْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّجَمُّلِ وَالتَّحْسِينِ انْتَهَى. وَمُرَادُهُ مِنْ الْمَعْنَى الْمُنَاسِبِ هُوَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِدَاعِ لِلزَّوْجِ فَمَا كَانَ لَوْنُهُ مُغَايِرًا لِلَوْنِ الشَّعْرِ فَلَا خِدَاعَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute