للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٨٥ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كُنْت خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا، فَقَالَ: يَا غُلَامُ، احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك، وَإِذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ

بِهِ مِنْ مَلْبُوسٍ أَوْ مَرْكُوبٍ أَوْ هَيْئَةٍ، قَالُوا: فَإِذَا تَشَبَّهَ بِالْكَافِرِ فِي زِيٍّ وَاعْتَقَدَ أَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ مِثْلَهُ كَفَرَ فَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَكْفُرُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَكْفُرُ وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ.

(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كُنْت خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا فَقَالَ يَا غُلَامُ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك» جَوَابُ الْأَمْرِ «احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ» مِثْلُهُ (تُجَاهَك) فِي الْقَامُوسِ وِجَاهَك وَتُجَاهَك مِثْلَيْنِ تِلْقَاءَ وَجْهِك (وَإِذَا سَأَلْت) حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدَّارَيْنِ (فَاسْأَلْ اللَّهَ) فَإِنَّ بِيَدِهِ أُمُورَهُمَا «وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَتَمَامُهُ «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَك وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْك جَفَّتْ الْأَقْلَامُ وَطُوِيَتْ الصُّحُفُ».

وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ «كُنْت رَدِيفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَوْ يَا غُلَيْمُ أَلَا أُعَلِّمُك كَلِمَاتٍ يَنْفَعُك اللَّهُ بِهِنَّ؟ فَقُلْت بَلَى. قَالَ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَك تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفُك فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَقْضِهِ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْك لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرْجَ مَعَ الْكُرْبَةِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» وَلَهُ أَلْفَاظٌ أُخَرُ وَهُوَ حَدِيثٌ جَلِيلٌ أَفْرَدَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَابِلَةِ بِتَصْنِيفٍ مُفْرَدٍ فَإِنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى وَصَايَا جَلِيلَةٍ وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ (احْفَظْ اللَّهَ) أَيْ حُدُودَهُ وَعُهُودَهُ وَأَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ.

وَحِفْظُ ذَلِكَ هُوَ الْوُقُوفُ عِنْدَ أَوَامِرِهِ بِالِامْتِثَالِ، وَعِنْدَ نَوَاهِيهِ بِالِاجْتِنَابِ. وَعِنْدَ حُدُودِهِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَهَا وَلَا يَتَعَدَّى مَا أَمَرَ بِهِ إلَى مَا نَهَى عَنْهُ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ كُلِّهَا وَتَرْكُ الْمُنْهَيَاتِ كُلِّهَا. وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} وَقَالَ: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>