للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: أَصَبْت السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْك صَلَاتُك وَقَالَ لِلْآخَرِ: لَك الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

١٢٢ -

وَعَنْ " أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «خَرَجَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا» هُوَ الطَّاهِرُ الْحَلَالُ، وَقَدْ قَيَّدَ اللَّهُ الصَّعِيدَ بِهِ فِي الْآيَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ، فَإِطْلَاقُهُ فِي حَدِيثِ " أَبِي هُرَيْرَةَ " مُقَيَّدٌ بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ [فَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ] أَيْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّيَاهَا [فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ] سَمَّاهُ إعَادَةً تَغْلِيبًا وَإِلَّا فَلَمْ يَكُنْ قَدْ تَوَضَّأَ، أَوْ أَسْمَى التَّيَمُّمَ وُضُوءًا مَجَازًا [وَلَمْ يُعِدْ الْآخَرُ ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: أَصَبْت السُّنَّةَ] أَيْ الطَّرِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ [وَأَجْزَأَتْك صَلَاتُك]؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي وَقْتِهَا، وَالْمَاءُ مَفْقُودٌ، فَالْوَاجِبُ التُّرَابُ [وَقَالَ لِلْآخَرِ] الَّذِي أَعَادَ: [لَك الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ] أَجْرُ الصَّلَاةِ بِالتُّرَابِ، وَأَجْرُ الصَّلَاةِ بِالْمَاءِ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَفِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ لِلْمُنْذِرِيِّ: أَنَّهُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا وَقَالَ أَبُو دَاوُد إنَّهُ مُرْسَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ لَكِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ رَوَاهَا ابْنُ السَّكَنِ فِي صَحِيحِهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ ثُمَّ تَيَمَّمَ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ الْمَاءَ قَرِيبٌ مِنْك؛ قَالَ: فَلَعَلِّي لَا أَبْلُغُهُ».

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الطَّلَبُ وَالتَّلَوُّمُ لَهُ، أَيْ الِانْتِظَارُ. وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ صَلَّى بِالتُّرَابِ، ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ وَقِيلَ: بَلْ يُعِيدُ الْوَاجِدُ فِي الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ] هَذَا قَدْ وَجَدَ الْمَاءَ؛ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فِيمَنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ، وَحَالَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا، وَحَدِيثُ " أَبِي سَعِيدٍ " هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ حَالَ الصَّلَاةِ، فَهُوَ مُقَيَّدٌ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمُطْلَقُ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: فَإِذَا وَجَدْت الْمَاءَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ فَأَمِسَّهُ بَشَرَتَك؛ أَيْ إذَا وَجَدْته وَعَلَيْك جَنَابَةٌ مُتَقَدِّمَةٌ، فَيُقَيَّدُ بِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} وَالْخِطَابُ مُتَوَجِّهٌ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بَعْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْقَ لِلْخِطَابِ تَوَجُّهٌ إلَى فَاعِلِهَا، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: [وَأَجْزَأَتْك صَلَاتُك] لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ، إذْ الْإِجْزَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الْفِعْلِ مُسْقِطًا لِوُجُوبِ إعَادَةِ الْعِبَادَةِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ قَدْ أَجْزَأَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>