٩٤٧ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجَتْ، فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت أَسْلَمْت، وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ وَرَدَّهَا إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ
، وَالْعَرْزَمِيُّ لَا يُسَاوِي حَدِيثُهُ شَيْئًا قَالَ: وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَ، وَهَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَحَكَاهُ عَنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَإِنَّهُ جَنَحَ إلَى تَرْجِيحِ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَحَمَلَ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ أَيْ بِشُرُوطِهِ، وَمَعْنَى لَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا أَيْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا، وَقَدْ أَشَرْنَا إلَيْهِ آنِفًا قَالَ، وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ تُعَضِّدُهُ الْأُصُولُ، وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِوُقُوعِ عَقْدٍ جَدِيدٍ، وَمَهْرٍ جَدِيدٍ، وَالْأَخْذُ بِالصَّرِيحِ أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِالْمُحْتَمَلِ انْتَهَى (قُلْت) يَرُدُّ تَأْوِيلَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَصْرِيحُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ «فَلَمْ يُحْدِثْ شَهَادَةً، وَلَا صَدَاقًا» رَوَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْإِرْشَادِ، وَنَسَبَهُ إلَى إخْرَاجِ الْإِمَامِ أَحْمَدُ لَهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ: وَالْعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَإِنَّهُ يُرِيدُ عَمَلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَمَلَهُمْ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، وَهَجْرُ الْقَوِيِّ لَا يُقَوِّي الضَّعِيفَ بَلْ يُضَعِّفُ مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ فَتَزَوَّجَتْ فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت أَسْلَمْت، وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ وَرَدَّهَا إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ، وَعَلِمَتْ امْرَأَتُهُ بِإِسْلَامِهِ فَهِيَ فِي عَقْدِ نِكَاحِهِ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَهُوَ تَزَوُّجٌ بَاطِلٌ تُنْتَزَعُ مِنْ الزَّوْجِ الْآخَرِ.
وَقَوْلُهُ (وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي) يَحْتَمِل أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَوْ قَبْلَهَا، وَأَنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَنَّ عِلْمَهَا بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ تَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ يُبْطِلُ نِكَاحَهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَمْ لَا فَهُوَ مِنْ الْأَدِلَّةِ لِكَلَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّ تَرْكَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاسْتِفْصَالَ هَلْ عَلِمَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ لَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلْعِدَّةِ إلَّا أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ أَنَّهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا تُزَوَّجُ مَنْ شَاءَتْ لَا تَتِمُّ هَذِهِ الْقِصَّةُ إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ تَزَوُّجِهَا فِي الْعِدَّةِ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَقْدُ الْآخَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ فَنِكَاحُهَا صَحِيحٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute