٩٠٨ - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ. - وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، لَكِنْ قَدْ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا: وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لَكِنْ قَدْ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا)، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ، وَشَيْخَهُ عُتْبَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ تَفْصِيلٌ مَعْرُوفٌ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ، وَأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمَيِّتُ، وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، وَمَنْ قَلَّ مَالُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ يُقَيِّدُهُ مَا سَلَفَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي هِيَ أَصَحُّ مِنْهُ فَلَا تَنْفُذُ لِلْوَارِثِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَغَيْرُهُمْ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى نُفُوذِهَا لِلْوَارِثِ، وَادَّعَى فِيهِ إجْمَاعَ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُخْرَجُ الدَّيْنُ، وَالْوَصِيَّةُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ عَلَى سَوَاءٍ فَتُشَارِكُ الْوَصِيَّةُ الدَّيْنَ إذَا اسْتَغْرَقَ الْمَالَ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ إخْرَاجُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْهُ قَالَ «قَضَى مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَأَنْتُمْ تَقْرَءُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ» وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لَكِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ لِاعْتِضَادِهِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى مُقْتَضَاهُ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ شَاهِدًا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ. فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا فَلِمَ قُدِّمَتْ الْوَصِيَّةُ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْآيَةِ (قُلْت) أَجَابَ السُّهَيْلِيُّ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ تَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، وَالدَّيْنُ يَقَعُ بِتَعَدِّي الْمَيِّتِ بِحَسَبِ الْأَغْلَبِ بَدَأَ بِالْوَصِيَّةِ لِكَوْنِهَا أَفْضَلَ، وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّهَا إنَّمَا قُدِّمَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا شَيْءٌ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالدَّيْنُ يُؤْخَذُ بِعِوَضٍ فَكَانَ إخْرَاجُ الْوَصِيَّةِ أَشَقَّ عَلَى الْوُرَّاثِ مِنْ إخْرَاجِ الدَّيْنِ، وَكَانَ أَدَاؤُهَا مَظِنَّةَ التَّفْرِيطِ بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute