١٠١٤ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، فَهُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا.
تَلَفَّظَ بِهِ حَالَ الْإِكْرَاهِ وَأَسْقَطَ عَنْهُ أَحْكَامَ الْكُفْرِ كَذَلِكَ سَقَطَ عَنْ الْمُكْرَهِ مَا دُونَ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ الْأَعْظَمَ إذَا سَقَطَ سَقَطَ مَا هُوَ دُونَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ إذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، فَهُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا) الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا، وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا دَلَّتْ لَهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فَمُرَادُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لَيْسَ بِطَلَاقٍ لَا أَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ أَصْلًا، وَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ " وَإِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا "
فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَا يَلْزَمُ فِيهِ شَيْءٌ وَتَكُونُ رِوَايَةُ أَنَّهُ يَمِينٌ رِوَايَةً أُخْرَى فَيَكُونُ لَهُ قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَالْمَسْأَلَةُ اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْخَلَفُ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ حَتَّى بَلَغَتْ الْأَقْوَالُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَوْلًا أُصُولًا وَتَفَرَّعَتْ إلَى عِشْرِينَ مَذْهَبًا: (الْأَوَّلُ): أَنَّهُ لَغْوٌ لَا حُكْمَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَقَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ وَالْحُجَّةُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}، وَقَدْ قَالَ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَحْلِيلِ الْحَرَامِ وَتَحْرِيمِ الْحَلَالِ فَلَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ بَاطِلًا فَلْيَكُنْ الثَّانِي بَاطِلًا. ثُمَّ قَوْلُهُ هِيَ حَرَامٌ إنْ أَرَادَ بِهِ الْإِنْشَاءَ، فَإِنْشَاءُ التَّحْرِيمِ لَيْسَ إلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْإِخْبَارَ، فَهُوَ كَذِبٌ.
قَالُوا: وَنَظَرْنَا إلَى مَا سِوَى هَذَا الْقَوْلِ يَعْنِي مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي هِيَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَوَجَدْنَاهَا أَقْوَالًا مُضْطَرِبَةً لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا مِنْ اللَّهِ فَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهَذَا، وَهَذَا الْقَوْلُ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتِلَاوَتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِالتَّحْرِيمِ مَا حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْكَرَ عَلَى رَسُولِهِ تَحْرِيمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute