هو السيد محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الكحلاني ثم الصنعاني، ولد سنة ١٠٥٩ بكحلان، ثم انتقل مع والده إلى مدينة صنعاء عاصمة اليمن فأخذ عن علمائها ثم رحل إلى مكة، وقرأ الحديث على أكابر علمائها وعلماء المدينة، وبرع في العلوم المختلفة حتى بز أقرانه، وتفرد بالرئاسة العلمية في صنعاء، وأظهر الاجتهاد والوقوف مع الأدلة ونفر من التقليد، وزيف ما لا دليل عليه من الآراء الفهية، وجرت له مع أهل عصره محن وخطوب شأن كل مصلح يدعو إلى الحق ويجاهر به في عصور الظلمات، وقد حفظه الله من كيدهم وكفاه شرهم، وقد ولاه الامام المنصور من أئمة اليمن الخطابة بجامع صنعاء، واستمر ناشرا للعلم تدريسا وإفتاء وتصنيفا، وكان لا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يبالي بما يصيبه في سبيله شأن الذين أخلصوا دينهم لله، وآثروا مرضاة الناس. ولقد التف حوله كثيرون من الخاصة والعامة، وقرأوا عليه كتب الحديث وعملوا باجتهاداته، وأعلنوا ذلك في الناس، فكانت فتن أظهرهم الله عليها (وله مصنفات) حافلة. منها: سبل السلام، هذا الذي اختصره من البدر التمام للمغربي، وأصناف إليه زيادات قيمة أكبرت شأن الكتاب ومنها: منحة الغفار: جعلها حاشية على ضوء النهار للجلال. ومنها: العدة: حشى بها شرح العمدة لابن العيد. ومنها: شرح التنقيح في علوم الحديث: وله مصنفات أخرى وقد أفرد كثيرا من المسائل بالتصنيف مما لو جمع كان مجلدات. وله شعر فصيح منسجم أكثره في المباحث العلمية، والتوجع من أبناء عصره والرد عليهم. وبالجملة فهو من الأئمة المجددين لمعالم هذا الدين، الصادعين فيه بصريح الحق. توفى ثالث شعبان سنة ١١٨٢ هـ عن مائة وثلاث وعشرين سنة رحمة الله واسعة، وجزاه عن نصره السنة خير الجزاء.
[*] (تعليق الشاملة): هذه الترجمة الواردة في مقدمة ط دار الحديث، وهي بنصها من ط الحلبي