٥٣٤ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ " حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ " - وَلِلْبُخَارِيِّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ تَبِعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ».
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَالَ: أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ) أَيْ الْجِنَازَةُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْمَيِّتُ (صَالِحَةً فَخَيْرٌ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَهُوَ خَيْرٌ وَمِثْلُهُ شَرٌّ الْآتِي (تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
نَقَلَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِسْرَاعِ لِلنَّدْبِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَسُئِلَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ بِوُجُوبِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ شِدَّةُ الْمَشْيِ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهُ بَعْضُ السَّلَفِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ فَوْقَ سَجِيَّةِ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَيُكْرَهُ الْإِسْرَاعُ الشَّدِيدُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ بِهَا لَكِنْ بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يَنْتَهِي إلَى شِدَّةٍ يُخَافُ مَعَهَا حُدُوثُ مَفْسَدَةٍ بِالْمَيِّتِ أَوْ مَشَقَّةٍ عَلَى الْحَامِلِ وَالْمُشَيِّعِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَتَبَاطَأَ بِالْمَيِّتِ عَنْ الدَّفْنِ وَلِأَنَّ الْبُطْءَ رُبَّمَا أَدَّى إلَى التَّبَاهِي وَالِاخْتِيَالِ هَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بِالْجِنَازَةِ يَحْمِلُهَا إلَى قَبْرِهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِهَا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: " تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ " وَتَعَقَّبَ بِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الرِّقَابِ قَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْعَانِي كَمَا تَقُولُ: حَمَلَ فُلَانٌ عَلَى رَقَبَتِهِ دُيُونًا، قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْكُلَّ لَا يَحْمِلُونَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ نَقْلِهِ فِي الْفَتْحِ: وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ وَأَسْرِعُوا بِهِ إلَى قَبْرِهِ» أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلِأَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا «لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تَبْقَى بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ» وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَفْلُوجِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي التَّثَبُّتُ فِي أَمْرِهِ.
(وَعَنْهُ) أَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ» قِيلَ) صَرَّحَ أَبُو عَوَانَةَ بِأَنَّ الْقَائِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute