١٩٣ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «إذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ فِي الصَّلَاةِ». وَلِمُسْلِمٍ: " فَخَالِفْ بَيْنَ طَرْفَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاِتَّزِرْ بِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
١٩٤ - وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ».
وَحَوَاشِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: أَنَّ نَفْيَ الْقَبُولِ يُلَازِمُ نَفْيَ الصِّحَّةِ.
وَفِي قَوْلِهِ " إلَّا بِخِمَارٍ " مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ رَأْسِهَا وَعُنُقِهَا وَنَحْوِهِ، مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ الْخِمَارُ؛ وَيَأْتِي فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ " أُمِّ سَلَمَةَ " فِي صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ لَيْسَ عَلَيْهَا إزَارٌ، وَأَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا» فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صَلَاتِهَا مِنْ تَغْطِيَةِ رَأْسِهَا وَرَقَبَتِهَا، كَمَا أَفَادَهُ حَدِيثُ الْخِمَارِ، وَمِنْ تَغْطِيَةِ بَقِيَّةِ بَدَنِهَا حَتَّى ظَهْرِ قَدَمَيْهَا كَمَا أَفَادَهُ حَدِيثُ " أُمِّ سَلَمَةَ "، وَيُبَاحُ كَشْفُ وَجْهِهَا حَيْثُ لَمْ يَأْتِ دَلِيلٌ بِتَغْطِيَتِهِ، وَالْمُرَادُ كَشْفُهُ عِنْدَ صَلَاتِهَا بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا أَجْنَبِيٌّ، فَهَذِهِ عَوْرَتُهَا فِي الصَّلَاةِ؛ وَأَمَّا عَوْرَتُهَا بِالنَّظَرِ إلَى نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ إلَيْهَا فَكُلُّهَا عَوْرَةٌ كَمَا يَأْتِي تَحْقِيقُهُ.
وَذَكَرَهُ هُنَا وَجَعَلَ عَوْرَتَهَا فِي الصَّلَاةِ هِيَ عَوْرَتُهَا بِالنَّظَرِ إلَى نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ، وَذِكْرُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ لَيْسَ مَحَلُّهُ هُنَا، إذْ لَهَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ، وَعَوْرَةٌ فِي نَظَرِ الْأَجَانِبِ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.
وَعَنْ " جَابِرٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ» يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ، وَلِمُسْلِمٍ: [فَخَالِفْ بَيْنَ طَرْفَيْهِ] وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ [وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاِتَّزِرْ بِهِ] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ الِالْتِحَافُ: فِي مَعْنَى الِارْتِدَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَتَّزِرَ بِأَحَدِ طَرَفَيْ الثَّوْبِ، وَيَرْتَدِي بِالطَّرَفِ الْآخَرِ.
وَقَوْلُهُ: يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ أَحَدِ الرُّوَاةِ، قَيَّدَ بِهِ أَخْذًا مِنْ الْقِصَّةِ، فَإِنَّ فِيهَا أَنَّهُ «قَالَ جَابِرٌ: جِئْت إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي وَعَلَيَّ ثَوْبٌ فَاشْتَمَلْت بِهِ وَصَلَّيْت إلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْت؟ قُلْت: كَانَ ثَوْبٌ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ؛ وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاِتَّزِرْ بِهِ».
فَالْحَدِيثُ قَدْ أَفَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا الْتَحَفَ بِهِ بَعْدَ اتِّزَارِهِ بِطَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا اتَّزَرَ بِهِ لِسَتْرِ عَوْرَتِهِ، فَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مِنْ تَحْتِ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ عَلَى أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute