٥٤٣ - وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ. وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ.»
عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَتَوَلَّى غُسْلَهُ وَدَفْنَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَأُسَامَةُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ وَزَادَ " وَحَدَّثَنِي مَرْحَبٌ " كَذَا فِي الشَّرْحِ وَاَلَّذِي فِي التَّلْخِيصِ " مَرْحَبٌ أَوْ أَبُو مَرْحَبٍ " بِالشَّكِّ " أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا مَعَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ " وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ زِيَادَةٌ مَعَ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ " الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَصَالِحٌ وَهُوَ شُقْرَانُ " وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَوْفٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَلِابْنِ مَاجَهْ " عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ وَشُقْرَانُ " وَزَادَ " وَسَوَّى لَحْدَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ " وَجَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ مَنْ نَقَصَ فَبِاعْتِبَارِ مَا رَأَى أَوَّلَ الْأَمْرِ وَمَنْ زَادَ أَرَادَ بِهِ آخِرَ الْأَمْرِ.
(وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ جَابِرٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ» الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي النَّهْيِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْبِنَاءِ وَالتَّجْصِيصِ لِلتَّنْزِيهِ وَالْقُعُودِ لِلتَّحْرِيمِ وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَلَا يُعْرَفُ مَا الصَّارِفُ عَنْ حَمْلِ الْجَمِيعِ عَلَى الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ النَّهْيِ وَقَدْ وَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْكَتْبِ عَلَيْهَا وَالتَّسْرِيجِ وَأَنْ يُزَادَ فِيهَا وَأَنْ تُوطَأَ فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «لَعَنَ اللَّهُ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ». وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ: «نَهَى أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ أَوْ يُجَصَّصَ أَوْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ» وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» وَاتَّفَقَا عَلَى إخْرَاجِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ «أَنَّ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ؛ لِأَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ: أَبْعَثُك عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْته وَلَا تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْته» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَكَرِهُوا أَنْ يُرْفَعَ الْقَبْرُ فَوْقَ الْأَرْضِ.
قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ الْمُعَبَّرُ فِيهَا بِاللَّعْنِ وَالتَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ: «لَا تَجْعَلُوا قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ» تُفِيدُ التَّحْرِيمَ لِلْعِمَارَةِ وَالتَّزْيِينِ وَالتَّجْصِيصِ وَوَضْعِ الصُّنْدُوقِ الْمُزَخْرَفِ وَوَضْعِ السَّتَائِرِ عَلَى الْقَبْرِ وَعَلَى سَمَائِهِ وَالتَّمَسُّحِ بِجِدَارِ الْقَبْرِ وَأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute