. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَنْتَقِلُ مِنْ أَمَاكِنِهَا وَقِيلَ: الَّتِي تُنَقِّلُ الْعَظْمَ أَيْ تَكْسِرُهُ (خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْإِبِلِ «، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْمُوضِحَةِ» اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَوْضَحَ وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ وَتَكْشِفُهُ «خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، الرَّجُلُ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ وَابْنُ حِبَّانَ وَأَحْمَدُ. وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ) قَالَ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ قَدْ أُسْنِدَ هَذَا، وَلَا يَصِحُّ وَاَلَّذِي قَالَ فِي إسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد وَهِمَ إنَّمَا هُوَ ابْنُ أَرْقَمَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَرَضْته عَلَى أَحْمَدَ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْيَمَانِيُّ ضَعِيفٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْخَوْلَانِيُّ ثِقَةٌ وَكِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَاَلَّذِي رَوَى حَدِيثَ الصَّدَقَاتِ هُوَ الْخَوْلَانِيُّ فَمَنْ ضَعَّفَهُ إنَّمَا ظَنَّ أَنَّ الرَّاوِيَ هُوَ الْيَمَانِي.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَنْقُلُوا هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا كِتَابٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ مَعْرُوفٌ مَا فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْرِفَةً تُغْنِي شُهْرَتُهَا عَنْ الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْمُتَوَاتِرَ لِتَلَقِّي النَّاسِ إيَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالْمَعْرِفَةِ.
قَالَ الْعُقَيْلِيُّ حَدِيثُ ثَابِتٍ مَحْفُوظٌ إلَّا أَنَّا نَرَى أَنَّهُ كِتَابٌ غَيْرُ مَسْمُوعٍ عَمَّنْ فَوْقَ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ لَا أَعْلَمُ فِي الْكُتُبِ الْمَنْقُولَةِ كِتَابًا أَصَحَّ مِنْ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَيَدَعُونَ رَأْيَهُمْ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَرَأْت فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى نَجْرَانَ وَكَانَ الْكِتَابُ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا.
وَقَالَ الْحَافِظُ بْنُ كَثِيرٍ فِي الْإِرْشَادِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ مَا لَفْظُهُ: قُلْت وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، فَهَذَا الْكِتَابُ مُتَدَاوَلٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ وَيَفْزَعُونَ فِي مُهِمَّاتِ هَذَا الْبَابِ إلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ.
وَإِذَا عَرَفْت كَلَامَ الْعُلَمَاءِ هَذَا عَرَفْت أَنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الرَّأْيِ الْمَحْضِ، وَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى مَسَائِلَ فِقْهِيَّةٍ:
(الْأُولَى) فِيمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا اعْتِبَاطًا أَيْ بِلَا جِنَايَةٍ مِنْهُ، وَلَا جَرِيرَةٍ تُوجِبُ قَتْلَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: اعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ أَيْ قَتَلَهُ ظُلْمًا لَا عَنْ قِصَاصٍ، وَقَدْ رَوَى الِاغْتِبَاطَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا يُفِيدُهُ تَفْسِيرُهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ عَنْ الِاغْتِبَاطِ، فَقَالَ الْقَاتِلُ الَّذِي يُقْتَلُ فِي الْفِتْنَةِ فَيَرَى أَنَّهُ فِي هُدًى لَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْهُ. فَهَذَا يَدُلُّ أَنَّهُ مِنْ الْغِبْطَةِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ وَحُسْنِ الْحَالِ، فَإِذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مُؤْمِنًا وَفَرِحَ بِقَتْلِهِ، فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْوَعِيدِ.
وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ، فَإِنَّهُمْ مُخَيَّرُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّيَةِ كَمَا سَلَفَ.
(الثَّانِيَةُ) أَنَّهُ