٢٣٠ - وَاتَّفَقَا عَلَى حَدِيثِهَا فِي قِصَّةِ أَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ، «فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي عَنْ صَلَاتِي»
٢٣١ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ [لِي فِي صَلَاتِي]. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى إزَالَةِ مَا يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ مِمَّا فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ فِي مَحَلِّ صَلَاتِهِ، وَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعَادَهَا، وَمِثْلُهُ:
[وَاتَّفَقَا] أَيْ الشَّيْخَانِ [عَلَى حَدِيثِهَا] أَيْ عَائِشَةَ " [فِي قِصَّةِ أَنْبِجَانِيَّةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ النُّونِ يَاءُ النِّسْبَةِ: كِسَاءٌ غَلِيظٌ لَا عَلَمَ فِيهِ أَبِي جَهْمٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَهُوَ: عَامِرُ بْنُ حُذَيْفَةَ " [وَفِيهِ: فَإِنَّهَا] أَيْ الْخَمِيصَةُ " وَكَانَتْ ذَاتَ أَعْلَامٍ أَهْدَاهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو جَهْمٍ " فَالضَّمِيرُ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرُهَا.:
وَلَفْظُ الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ، فَنَظَرَ إلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي» هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ؛ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُفْهِمُ أَنَّ ضَمِيرَ فَإِنَّهَا للْأَنْبَجانِيَّةِ وَكَذَا ضَمِيرُ: «أَلْهَتْنِي عَنْ صَلَاتِي». وَذَلِكَ أَنَّ " أَبَا جَهْمٍ " أَهْدَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمِيصَةً لَهَا أَعْلَامٌ، كَمَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَهْدَى أَبُو جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ، فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: رُدِّي هَذِهِ الْخَمِيصَةَ إلَى أَبِي جَهْمٍ» وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا: «كُنْت أَنْظُرُ إلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ، فَأَخَاف أَنْ يَفْتِنَنِي»
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ ثَوْبًا غَيْرَهَا لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ هَدِيَّتَهُ اسْتِخْفَافًا بِهِ.:
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَةِ مَا يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ مِنْ النُّقُوشِ وَنَحْوِهَا، مِمَّا يَشْغَلُ الْقَلْبَ، وَفِيهِ مُبَادَرَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى صِيَانَةِ الصَّلَاةِ عَمَّا يُلْهِي، وَإِزَالَةِ مَا يَشْغَلُ عَنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا.
قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ إيذَانٌ بِأَنَّ لِلصُّوَرِ وَالْأَشْيَاءِ الظَّاهِرَةِ تَأْثِيرًا فِي الْقُلُوبِ الطَّاهِرَةِ، وَالنُّفُوسِ الزَّكِيَّةِ، فَضْلًا عَمَّا دُونَهَا؛ وَفِيهِ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَفَارِشِ، وَالسَّجَاجِيدِ الْمَنْقُوشَةِ، وَكَرَاهَةِ نَقْشِ الْمَسَاجِدِ، وَنَحْوِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute