. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الظَّهْرِ كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ مَخَافَةَ قِلَّةِ الظَّهْرِ» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَغَازِي مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا حَمُولَةُ النَّاسِ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ أَوْ حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَإِنَّهُ يُقَالُ قَدْ عُلِمَ بِالنَّصِّ أَنَّهُ حَرَّمَهَا لِأَنَّهَا رِجْسٌ وَكَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَدِيثِ فَتَرَدَّدَ فِي نَقْلِهِ النَّهْيَ وَإِذْ قَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ وَأَصْلُهُ التَّحْرِيمُ عُمِلَ بِهِ وَإِنْ جَهِلْنَا عِلَّتَهُ. وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ نَصْرٍ الْمُحَارِبِيَّةِ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَالَ: أَلَيْسَ تَرْعَى الْكَلَأَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ؟ قَالَ: فَأَصِبْ مِنْ لُحُومِهَا» فَهِيَ رِوَايَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لَا تُعَارِضُ بِهَا الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى حِلِّ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ وَإِلَى حِلِّهَا ذَهَبَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقَ وَجَمَاهِيرُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ جُرَيْجٍ: لَمْ يَزَلْ سَلَفُك يَأْكُلُونَهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْت لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَيَأْتِي حَدِيثُ أَسْمَاءَ: «نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ». وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَمَالِكٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إلَى تَحْرِيمِ الْخَيْلِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ» وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةِ " يَوْمَ خَيْبَرَ " وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ هَذَا إسْنَادٌ مُضْطَرِبٌ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُرْوَى عَنْ أَبِي صَالِحٍ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَضَعَّفَ الْحَدِيثَ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْخَطَّابِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} وَتَقْرِيرُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَنْصُوصَةَ تَقْتَضِي الْحَصْرَ فَإِبَاحَةُ أَكْلِهَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْآيَةِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ كَوْنَ الْعِلَّةِ مَنْصُوصَةً لَا يَقْتَضِي الْحَصْرَ فِيهَا فَلَا يُفِيدُ الْحَصْرَ فِي الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي غَيْرِهِمَا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِهِمَا أَغْلَبَ مَا يَطْلُبُ وَلَوْ سَلِمَ الْحَصْرُ لَامْتَنَعَ حَمْلُ الْأَثْقَالِ عَلَى الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَلَا قَائِلَ بِهِ " الثَّانِي " مِنْ وُجُوهِ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ عَطْفُ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى اشْتِرَاكِهِمَا مَعَهَا فِي حُكْمِ التَّحْرِيمِ فَمَنْ أَفْرَدَ حُكْمَهُمَا عَنْ حُكْمِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ احْتَاجَ إلَى دَلِيلٍ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَلَالَةِ الِاقْتِرَانِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ " الثَّالِثُ " مِنْ وُجُوهِ دَلَالَةِ الْآيَةِ أَنَّهَا سِيقَتْ لِلِامْتِنَانِ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُؤْكَلُ لَكَانَ الِامْتِنَانُ بِهِ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِبَقَاءِ الْبِنْيَةِ وَالْحَكِيمُ لَا يَمْتَنُّ بِأَدْنَى النَّعِيمِ وَيَتْرُكُ أَعْلَاهَا سِيَّمَا وَقَدْ امْتَنَّ بِالْأَكْلِ فِيمَا ذُكِرَ قَبْلَهَا.
(وَأُجِيبَ) بِأَنَّهُ تَعَالَى خَصَّ الِامْتِنَانَ بِالرُّكُوبِ لِأَنَّهُ غَالِبُ مَا يُنْتَفَعُ بِالْخَيْلِ فِيهِ عِنْدَ الْعَرَبِ فَخُوطِبُوا بِمَا عَرَفُوهُ وَأَلِفُوهُ كَمَا خُوطِبُوا فِي الْأَنْعَامِ بِالْأَكْلِ وَحَمْلِ الْأَثْقَالِ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute