١٢٥ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِالتَّيَمُّمِ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يَتَيَمَّمَ لِلصَّلَاةِ الْأُخْرَى». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ جِدًّا.
ثُمَّ فِي حَدِيثِ " جَابِرٍ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ وَالْغُسْلِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ، حَيْثُ جُمِعَ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ؛ قِيلَ: فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ كَانَتْ جَرِيحَةً، فَتَعَذَّرَ إمْسَاسُهَا بِالْمَاءِ، فَعَدَلَ إلَى التَّيَمُّمِ، ثُمَّ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى بَقِيَّةِ جَسَدِهِ، وَأَمَّا الشَّجَّةُ فَقَدْ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْغَسْلُ، لَكِنْ تَعَذَّرَ لِأَجْلِ الشَّجَّةِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ عَصْبَهَا وَالْمَسْحَ عَلَيْهَا، إلَّا أَنَّهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ: إنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ذِكْرَ التَّيَمُّمِ، فَثَبَتَ أَنَّ " الزُّبَيْرَ بْنَ خُرَيْقٍ " تَفَرَّدَ بِهِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَطَّانِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ، فَهُوَ مِنْ إفْرَادِ " الزُّبَيْرِ ".
قَالَ: ثُمَّ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ لِحَدِيثِ " جَابِرٍ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ، غَيْرُ مَرْفُوعٍ، وَإِنَّمَا لَمَّا اخْتَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَاتَتْهُ الْعِبَارَةُ الدَّالَّةُ عَلَى رَفْعِهِ.
وَهُوَ حَدِيثٌ فِيهِ قِصَّةٌ، وَلَفْظُهَا عِنْدَ أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً عَلَى التَّيَمُّمِ؟ قَالُوا: مَا نَجِدُ لَك رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ - شَكَّ مُوسَى - عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» إلَى آخِرِهِ.
وَعَنْ " ابْنِ عَبَّاسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: [مِنْ السُّنَّةِ] أَيْ سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْمُرَادُ طَرِيقَتُهُ وَشَرْعُهُ [أَنْ لَا يُصَلِّيَ الرَّجُلُ] وَالْمَرْأَةُ أَيْضًا [بِالتَّيَمُّمِ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَتَيَمَّمَ لِلصَّلَاةِ الْأُخْرَى]. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ؛؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ " الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ " وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ كَمَا عَرَفْت.
وَفِي الْبَابِ عَنْ " عَلِيٍّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَ " ابْنِ عُمَرَ "، حَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ، وَإِنْ قِيلَ إنَّ أَثَرَ " ابْنِ عُمَرَ " أَصَحُّ فَهُوَ مَوْقُوفٌ، فَلَا تَقُومُ بِالْجَمِيعِ حُجَّةٌ؛ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ التُّرَابَ قَائِمًا مَقَامَ الْمَاءِ؛ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute