[كتاب الزكاة]
٥٦٠ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدَّ فِي فُقَرَائِهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
(وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْمُغِيرَةِ نَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الْأَمْوَاتِ (لَكِنْ قَالَ) عِوَضٌ لَهُ " فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إلَى مَا قَدَّمُوا"
(فَتُؤْذُوا الْأَحْيَاءَ) قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: إنَّ سَبَّ الْكَافِرِ يَحْرُمُ إذَا تَأَذَّى بِهِ الْحَيُّ الْمُسْلِمُ وَيَحِلُّ إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْأَذِيَّةُ وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَيَحْرُمُ إلَّا إذَا دَعَتْ إلَيْهِ الضَّرُورَةُ كَأَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمَيِّتِ إذَا أُرِيدَ تَخْلِيصُهُ مِنْ مَظْلِمَةٍ وَقَعَتْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْسُنُ بَلْ يَجِبُ إذَا اقْتَضَى ذَلِكَ سَبَّهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ جَوَازِ الْغَيْبَةِ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَحْيَاءِ لِأُمُورٍ
(تَنْبِيهٌ): مِنْ الْأَذِيَّةِ لِلْمَيِّتِ الْقُعُودُ عَلَى قَبْرِهِ لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ «عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا مُتَّكِئٌ عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ» وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ» وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ مَرْفُوعًا «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» وَالنَّهْيُ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي نَقْلًا عَنْ النَّوَوِيِّ: إنَّ الْجُمْهُورَ يَقُولُونَ: بِكَرَاهَةِ الْقُعُودِ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُرَادُ بِالْقُعُودِ الْحَدَثُ وَهُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ. انْتَهَى.
وَبِمِثْلِ قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كَمَا فِي الْفَتْحِ (قُلْت): وَالدَّلِيلُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْقُعُودِ عَلَيْهِ وَالْمُرُورِ فَوْقَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: «لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ» نَهْيٌ عَنْ أَذِيَّةِ الْمَقْبُورِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَذِيَّةُ الْمُؤْمِنِ مُحَرَّمَةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}.
(كتاب الزكاة) الزَّكَاةُ لُغَةً مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ النَّمَاءِ وَالطَّهَارَةِ وَتُطْلَقُ عَلَى الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعَفْوِ وَالْحَقِّ وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسَةِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَبِمَا عُلِمَ مِنْ ضَرُورَةِ الدِّينِ وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّ سَنَةٍ فُرِضَتْ فَقَالَ الْأَكْثَرُ: إنَّهَا فُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ وَيَأْتِي بَيَانُ مَتَى فُرِضَ فِي بَابِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute