١٣ - وَعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ - وَهِيَ حَيَّةٌ - فَهُوَ مَيِّتٌ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَاللَّفْظُ لَهُ.
عِلَّتِهِ، وَيَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ، فَلَمَّا كَانَ سَبَبُ التَّنْجِيسِ هُوَ الدَّمُ الْمُحْتَقِنُ فِي الْحَيَوَانِ بِمَوْتِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَفْقُودًا فِيمَا لَا دَمَ لَهُ سَائِلٌ، انْتَفَى الْحُكْمُ بِالتَّنْجِيسِ، لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ، وَالْأَمْرُ بِغَمْسِهِ لِيَخْرُجَ الشِّفَاءُ مِنْهُ كَمَا خَرَجَ الدَّاءُ مِنْهُ؛ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ فِي الذُّبَابِ قُوَّةً سُمِّيَّةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا الْوَرَمُ، وَالْحَكَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ لَسْعِهِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ، فَإِذَا وَقَعَ فِيمَا يُؤْذِيهِ اتَّقَاهُ بِسِلَاحِهِ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ» أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُقَابَلَ تِلْكَ السُّمِّيَّةَ بِمَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِ مِنْ الشِّفَاءِ فِي جَنَاحِهِ الْآخَرِ بِغَمْسِهِ كُلِّهِ، فَتُقَابِلُ الْمَادَّةَ النَّافِعَةَ، فَيَزُولُ ضَرَرُهَا.
وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَطِبَّاءِ أَنَّ لَسْعَةَ الْعَقْرَبِ وَالزُّنْبُورِ إذَا دُلِّكَ مَوْضِعُهَا بِالذُّبَابِ نَفَعَ مِنْهُ نَفْعًا بَيِّنًا، وَيُسَكِّنُهَا، وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِلْمَادَّةِ الَّتِي فِيهِ مِنْ الشِّفَاءِ.
وَعَنْ " أَبِي وَاقِدٍ " بِقَافٍ مَكْسُورَةٍ، وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، اسْمُهُ: " الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ "، فِيهِ أَقْوَالٌ: قِيلَ: إنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَقِيلَ: إنَّهُ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ خَمْسٍ وَسِتِّينَ بِمَكَّةَ " اللَّيْثِيُّ " بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ، نِسْبَةً إلَى لَيْثٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي " عَامِرِ بْنِ لَيْثٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ] فِي الْقَامُوسِ الْبَهِيمَةُ: كُلُّ ذَاتِ أَرْبَعِ قَوَائِمَ وَلَوْ فِي الْمَاءِ وَكُلُّ حَيٍّ لَا يُمَيِّزُ، وَالْبَهِيمَةُ أَوْلَادُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَخِيرُ أَوْ الْأَوَّلُ، لِمَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى [وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ] أَيْ الْمَقْطُوعُ [مَيِّتٌ]. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَاللَّفْظُ لَهُ، أَيْ قَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ، وَقَدْ عُرِفَ مَعْنَى الْحَسَنِ فِي تَعْرِيفِ الصَّحِيحِ فِيمَا سَلَفَ، وَاللَّفْظُ لِلتِّرْمِذِيِّ. وَالْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ مِنْ أَرْبَعِ طُرُقٍ عَنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، عَنْ " أَبِي سَعِيدٍ "، وَأَبِي وَاقِدٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ.
وَحَدِيثُ " أَبِي وَاقِدٍ " هَذَا رَوَاهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَبِهَا نَاسٌ يَعْمِدُونَ إلَى أَلِيَاتِ الْغَنَمِ وَأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ فَقَالَ: مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ».
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ. وَسَبَبُ الْحَدِيثِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْبَهِيمَةِ ذَاتُ الْأَرْبَعِ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ لِذِكْرِهِ الْإِبِلَ فِيهِ لَا الْمَعْنَى الْأَخِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَامُوسُ، لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا أُبِينَ مِنْ السَّمَكِ، وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ أَرْبَعٍ، أَوْ يُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى الْأَوْسَطُ، وَهُوَ كُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute