١٢٣١ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَلَى رَدِّ مَنْ وَصَلَ إلَيْنَا مِنْ الْعَدُوِّ كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَلَى أَلَّا يَرُدُّوا مَنْ وَصَلَ مِنَّا إلَيْهِمْ.
(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ» بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَصْلُهُ يَرَاحُ أَيْ لَمْ يَجِدْ «رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ) وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ» - الْحَدِيثَ " وَفِي لَفْظٍ لَهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِغَيْرِ جُرْمٍ وَفِي لَفْظٍ لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِغَيْرِ حِلِّهَا وَالتَّقْيِيدُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ. وَقَوْلُهُ (مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ سَبْعِينَ عَامًا وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيّ مِنْ رِوَايَةِ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ ثَلَاثِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ بِلَفْظِ " سَبْعِينَ خَرِيفًا " وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ وَفِيهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ وَفِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ جَابِرٍ «إنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَيُدْرَكُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ» وَقَدْ جَمَعَ الْعُلَمَاءُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ مَا حَاصِلُهُ: إنَّ ذَلِكَ الْإِدْرَاكَ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ وَأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ مَرَاتِبِ الْأَشْخَاصِ فَاَلَّذِي يُدْرِكُهُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِ السَّبْعِينَ إلَى آخِرِ ذَلِكَ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَرَأَيْت نَحْوَهُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الْمُعَاهَدِ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الِاقْتِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ، وَقَالَ الْمُهَلَّبِ: هَذَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا قَتَلَ الْمُعَاهَدَ أَوْ الذِّمِّيَّ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، قَالَ: لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى ذِكْرِ الْوَعِيدِ الْأُخْرَوِيِّ دُونَ الدُّنْيَوِيِّ هَذَا كَلَامُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute