٤٣٤ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا جُمُعَةً». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ
سَرَدَ الْأَقْوَالَ، وَلَمْ يَبْلُغْ بِهَا مَا بَلَغَ بِهَا الْمُصَنِّفُ مِنْ الْعَدَدِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ هَاهُنَا عَلَى قَوْلَيْنِ كَأَنَّهُمَا الْأَرْجَحُ عِنْدَهُ دَلِيلًا، وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ فَضِيلَةِ الْجُمُعَةِ لِاخْتِصَاصِهَا بِهَذِهِ السَّاعَةِ.
(وَعَنْ جَابِرٍ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ (قَالَ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا جُمُعَةً». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ) وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ فِيهِ أَحْمَدَ: اضْرِبْ عَلَى أَحَادِيثِهِ فَإِنَّهَا كَذِبٌ أَوْ مَوْضُوعَةٌ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ، وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ لَا أَصْلَ لَهَا، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: لَا يَثْبُتُ فِي الْعَدَدِ حَدِيثٌ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي النِّصَابِ الَّذِينَ بِهِمْ تَقُومُ الْجُمُعَةُ فَذَهَبَ إلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَا عَلَى مَنْ دُونِهِمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّافِعِيُّ، وَفِي كَوْنِ الْإِمَامِ أَحَدَهُمْ وَجْهَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُؤَيَّدُ وَأَبُو طَالِبٍ إلَى أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ مَعَ الْإِمَامِ، وَهُوَ أَقَلُّ عَدَدٍ تَنْعَقِدُ بِهِ فَلَا تَجِبُ إذَا لَمْ يَتِمَّ هَذَا الْقَدْرُ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا} قَالُوا: وَالْخِطَابُ لِلْجَمَاعَةِ بَعْدَ النِّدَاءِ لِلْجُمُعَةِ، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى الْجَمَاعَةِ لِلْجُمُعَةِ بَعْدَ النِّدَاءِ لَهَا، وَالنِّدَاءُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُنَادٍ فَكَانُوا ثَلَاثَةً مَعَ الْإِمَامِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ خِطَابِ الْجَمَاعَةِ فِعْلُهُمْ لَهَا مُجْتَمِعِينَ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِهَذَا وَاعْتَرَضَ بِهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ لَمَّا اسْتَدَلُّوا بِهِ لِلْمَذْهَبِ وَنَقَضَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} {وَجَاهِدُوا} فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ إيتَاءُ الزَّكَاةِ فِي جَمَاعَةٍ قُلْت: وَالْحَقُّ أَنَّ شَرْطِيَّةَ أَيِّ شَيْءٍ فِي أَيِّ عِبَادَةٍ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ دَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ هُنَا عَلَى تَعْيِينِ عَدَدٍ لَا مِنْ الْكِتَابِ وَلَا مِنْ السُّنَّةِ، وَإِذْ قَدْ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ صَلَاتُهَا إلَّا جَمَاعَةً كَمَا قَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ عَدِيٍّ وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالِاثْنَانِ أَقَلُّ مَا تَتِمُّ بِهِ الْجَمَاعَةُ لِحَدِيثِ «الِاثْنَانِ جَمَاعَةٌ» فَتَتِمُّ بِهِمْ فِي الْأَظْهَرِ، وَقَدْ سَرَدَ الشَّارِحُ الْخِلَافَ، وَالْأَقْوَالَ فِي كَمِّيَّةِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَبَلَغَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَوْلًا وَذَكَرَ مَا تَشَبَّثَ بِهِ كُلُّ قَائِلٍ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ بِمَا لَا يَنْهَضُ حُجَّةً عَلَى الشَّرْطِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي نُقِلَ مِنْ حَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute