بَابُ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ
١٢٢٤ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا - يَعْنِي الْجِزْيَةَ - مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَهُ طَرِيقٌ فِي الْمُوَطَّأِ فِيهَا انْقِطَاعٌ.
هِيَ الَّتِي لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ بَلْ أُجْلِيَ عَنْهَا أَهْلُهَا وَصَالَحُوا فَيَكُونُ سَهْمُهُمْ فِيهَا أَيْ حَقُّهُمْ مِنْ الْعَطَاءِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْفَيْءِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالثَّانِيَةِ مَا أُخِذَتْ عَنْوَةً فَيَكُونُ غَنِيمَةً يَخْرُجُ مِنْهَا الْخُمُسُ وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: " هِيَ لَكُمْ " أَيْ بَاقِيهَا وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يُوجِبْ الْخُمُسَ فِي الْفَيْءِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلَ الشَّافِعِيِّ قَالَ بِالْخُمُسِ فِي الْفَيْءِ.
(بَابُ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ) الْأَظْهَرُ فِي الْجِزْيَةِ أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّهَا تَكْفِي مَنْ تُوضَعُ عَلَيْهِ فِي عِصْمَةِ دَمِهِ (وَالْهُدْنَةُ) هِيَ مُتَارَكَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِمَصْلَحَةٍ وَمَشْرُوعِيَّةُ الْجِزْيَةِ سَنَةَ تِسْعٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَقِيلَ سَنَةِ ثَمَانٍ.
(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا - يَعْنِي الْجِزْيَةَ - مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَهُ طَرِيقٌ فِي الْمُوَطَّأِ فِيهَا انْقِطَاعٌ) وَهِيَ مَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ شِهَابٍ إنَّمَا أَخَذَ حَدِيثَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ حَسَنُ الْمُرْسَلِ فَهَذَا هُوَ الِانْقِطَاعُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ: لَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَمَّا خَرَجَ قُلْت لَهُ: مَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيكُمْ قَالَ: شَرًّا، قُلْت: مَهْ، قَالَ: الْإِسْلَامُ أَوْ الْقَتْلُ». قَالَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَبِلَ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَخَذَ النَّاسُ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَتَرَكُوا مَا سَمِعْت (قُلْت) لِأَنَّ رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْصُولَةٌ وَصَحِيحَةٌ وَرِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ هِيَ عَنْ مَجُوسِيٍّ لَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا: وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْعَلَاءِ الْحَضْرَمِيِّ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ «سُنُّوا بِالْمَجُوسِ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْمُغِيرَةِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ مَعَ فَارِسَ وَقَالَ فِيهِ «فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ» وَكَانَ أَهْلُ فَارِس مَجُوسًا. فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمَجُوسِ عُمُومًا وَمِنْ أَهْلِ هَجَرَ خُصُوصًا كَمَا دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَخْذِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute