جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا فَقَالَ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ. ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» رَوَاهُ السَّبْعَةُ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) هُوَ سَلَمَةُ أَوْ سَلْمَانُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «هَلَكْت يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَك قَالَ: وَقَعْت عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً بِالنَّصْبِ بَدَلٌ مِنْ مَا قَالَ: لَا قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا» الْجُمْهُورُ أَنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا مِنْ طَعَامٍ رُبُعُ صَاعٍ (قَالَ: لَا. ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مُغَيِّرَ الصِّيغَةِ (النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَقٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ ثُمَّ قَافٍ (فِيهِ تَمْرٌ) وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ فِي غَيْرِ الصَّحِيحَيْنِ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَفِي أُخْرَى عِشْرُونَ (فَقَالَ: " تَصَدَّقْ بِهَذَا " فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) تَثْنِيَةُ لَابَةٍ وَهُوَ الْحَرَّةُ وَيُقَالُ فِيهَا: لُوبَةٌ وَنُوبَةٌ بِالنُّونِ وَهِيَ غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ «أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» رَوَاهُ السَّبْعَةُ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَامِدًا وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ إجْمَاعٌ مُعْسِرًا كَانَ أَوْ مُوسِرًا فَالْمُعْسِرُ تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ ثَانِيهِمَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ.
وَاخْتُلِفَ فِي الرَّقَبَةِ فَإِنَّهَا هُنَا مُطْلَقَةٌ فَالْجُمْهُورُ قَيَّدُوهَا بِالْمُؤْمِنَةِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ هُنَا عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ قَالُوا: لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ فِي حُكْمِ الْخِطَابِ الْوَاحِدِ فَيَتَرَتَّبُ فِيهِ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ: وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَتُجْزِئُ الرَّقَبَةُ الْكَافِرَةُ: وَقِيلَ: يُفَصَّلُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ الْمُطْلَقُ إذَا اقْتَضَى الْقِيَاسُ التَّقْيِيدَ فَيَكُونُ تَقْيِيدًا بِالْقِيَاسِ كَالتَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَالْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ هُنَا هُوَ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ عَنْ ذَنْبٍ مُكَفِّرٍ لِلْخَطِيئَةِ وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي الْأُصُولِ.
ثُمَّ الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ مُرَتَّبَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ فَلَا يُجْزِئُ الْعُدُولُ إلَى الثَّانِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute